الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 11 سبتمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الحرَّاث الحكيم
«هَل يَحْرُثُ الحَارِثُ كُلَّ يَوْمٍ لِيَزْرَعَ، وَيَشُقَّ أَرْضَهُ وَيُمَهِّدَهَا؟» ( إشعياء 28: 24 )
التدريبات والتأديبات الإلهية قد تكون مؤلمة، لكنها نافعة جدًا، ولا يمكن أن تكون بلا قصد ( عب 12: 11 ). فإن كنا نبغي الثمر، ينبغي أن نقبل التأديب والتدريب. حين توَالت التجارب على ”صموئيل رذرفورد“ قال: ”دَعَ الرب يحرث، فهو يبغي ثمرًا كثيرًا في حياتي“.

في إشعياء 28: 23-29 يتحدَّث النبي عن معاملات الله مع شعبه، وتدريباته لهم، فيُصوِّر لنا الفلاح الماهر الذي يحرث الأرض جيدًا، ثم يزرعها، وأخيرًا يحصد الثمر المُتكاثر. هذه صورة مُبسَّطَة لعمل الله فينا ومعنا، إذ إنه يحرث قلوبنا بروحه القدوس، ويزرع كلمته الصالحة، لأنه يطلب منا ثمرًا لمجده.

وإذ تُذكِّرنا عمليات الفلاحة المتتالية؛ الحراثة والزرع والحصاد، وما شابهها لتأديبات وتدريبات الحياة، فإننا نجد أن هذه التدريبات مُحدَّدة الوقت؛ فيقول إشعياء: «هَل يَحْرُثُ الْحَارِثُ كُلَّ يَومٍ لِيَزْرَعَ، وَيَشُقَّ أَرضَهُ وَيُمَهِّدَهَا؟»، أي هل يَحرث كل يوم، ويستمر في هذا الحَرث دون أن يزرع؟ بكل تأكيد: لا. إنه يحرث حتى يجعل الأرض مُستعدة لقبول البذار. إن الفلاح الماهر يعرف الوقت اللازم لحرث الأرض. كما أنه يُميِّز بين التربة الرملية، والصلبة، والطينية. إنه يُفلح كل أرض حسب ما تحتاجه تربتها. إنه يعرف إلى أي مدى يجب أن يحرث أرضه، إنه لا يفعل ذلك زيادة عمَّا يلزم، ويُعامل كل تربة حسب حاجتها. إن الله يُساعده في فهم طبيعة الأرض «فَيُرْشِدُهُ. بِالحَقِّ يُعَلِّمُهُ إِلَهُهُ» (ع26). ما الحرث إلا وسيلة تعمل لغاية. وبعد بلوغ الغاية لا تظل هناك حاجة للحرث. ولكن لا حصاد يُرجى دون أن يسبقه حرث.

هذه صورة مُصغَّرة لِما يفعله الكرَّام السماوي مع أولاده. إنه بحكمته السامية يسمح بالتدريبات اللازمة، وبالتجارب النافعة. إنه يعرف كيف يحرث ليُخرِج الأحجار الصلبة من قلوبنا، وكيف يُمهِّد السبيل لبذر كلمته الصالحة فيها، لأنه يطلب مِنا ثمرًا لمجده. ألا يُفسِّر هذا الواقع التفاوت في الآلام والأحزان والتجارب؟ إنه يعرف مقدار الألم اللازم لنا، والوقت الكافي لحرث قلوبنا. إنه لا يُزيد لحظة واحدة على ما نحتاج إليه، إذ بمجرَّد تنقية قلوبنا، يقف الحرث، وينتهي الألم.

لكن السؤال المهم هو: كيف نتقبَّل هذا الألم؟ وما هو موقفنا إزاء التجارب التي تُصادفنا؟ هل نقبلها بالشكر من يد الرب، عالمين أنها لخيرنا ولمجد اسمه؟ أم نتذمر على مشيئة الله؟ هل نفهم الغرض السماوي من هذه التدريبات؟ وهل نُفسح المجال لروح الله لتنقيتنا؟

ج. أزوالد ساندرز
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net