الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 23 سبتمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رأس الخليقة
«هكَذا مَكتوبٌ أيْضًأ صَارَ آدَمُ الإنسَانُ الأَوَّلُ نفسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأخِيرُ رُوحًا مُحْييًا» ( 1كورنثوس 15: 45 )
إن مجال ظهور الإنسان أُعدّ قبل أن يوجَد الإنسان. فالخليقة المُرتَّبة والمُجمَّلة بالأثمار وكائنات حيّة من كل نوع، في هذا المجال المُهيأ وُضع الإنسان لكي يتسلَّط عليها، ويستعرض نواحي نشاطه، ويمارس حقوقه وفقًا لمشيئة الله، متبوئًا مركزه كنائب الله على الأرض، مُترفِّعًا ومُتميِّزًا عن الكل، كان سيدًا لدائرة وجود مليئة بالبركة، والكل من حوله في خضوع له.

لكن لم يكن هذا هو الكل. إن الإنسان لم يَبرز من المادة بمجرَّد إرادة الله كالحيوانات بتلك القوة التي تدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة، بل جبلَهُ الله من التراب ونفخ في أنفهِ نسمة الحياة، وهكذا صار الإنسان نفسًا حيَّة في اتصال مباشر مع الله نفسه، كما استشهد الرسول بولس بالقول: «لأننا ذُرِّيَتهُ» ( أع 17: 28 ). فعند خلْق الإنسان، لم يَقُل الله: «لتُخرج الأرض» بل: «نعمل الإنسان». ولقد خلقهُ الله على صورتهِ تعالى. لكن لنلاحظ أننا لا نقرأ شيئًا عن البر أو القداسة قبل السقوط، لأن البر والقداسة من نتائج الفداء. كان الشر غائبًا عن المشهد في عدن، لكن جهل الإنسان بالشر شيء، وفكر الله إزاء الشر شيء آخر.

غير أن «جنة عدن» كان فيها شجرتان لهما ارتباط وثيق ببركة الإنسان وسعادته في ذلك المشهد، هما: شجرة المسؤولية في الطاعة: معرفة الخير والشر؛ وشجرة الحياة. وارتبط نصيب الإنسان في البركة والسعادة بالتوفيق بين هاتين الشجرتين. ولقد ظهر للأسف أن حفظ هذا التوافق بين المبدأين غير مضمون في جنة عدن كما ظهر فيما بعد أنه مستحيل تحت الناموس. كما ظهر أيضًا أن هذا التوفيق غير مضمون ومستحيلاً في غير المسيح. عن هذا التوفيق يستجوبنا الناموس، والنعمة تجاوب عنا في المسيح. لأن الناموس يجعل الحياة نتيجة للطاعة الكاملة (المسؤولية): إما حياة الطاعة وإما العصيان والموت. أما المسيح بالنعمة إذ تحمَّل فوق الصليب نتائج عصيان الإنسان وسقوطه، فقد أصبح مصدر حياة أبدية لا يصل إليها الشر، بل يكسوها بر كامل على أساس موت المسيح على الصليب. هذا ما قصده الله وأراده.

فلأجل بلوغ الغاية التي قصدها الله من جهة الإنسان، كان لا بد أن يُخلي آدم رأس الخليقة مكانه لرأس جديد. لم يكن مُمكنًا البلوغ إلى تلك الغاية بآدم الأول وإنما أمكن ذلك في آدم الأخير.

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net