الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 6 سبتمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تلميذا عمواس
«اقْترَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا» ( لوقا 24: 15 )
ترك تلميذا عمواس إخوتهما في أورشليم، قاصدين بلدتهما عمواس، وتجاهلا حديث النساء عن قيامة الرب، وما ذكرنَهُ من أدلَّة تؤكِّد ذلك، كما تناسيا أيضًا أحاديث الرب المُتكرِّرة عن حتمية موته وقيامته! ولم يكن رَّد نفس هذين التلميذين يحتاج لمُجرَّد أن الرب يُظهر ذاته لهما، مُعلنًا أنه قام، وإلا كان قد فعل ذلك. لقد كشفا له أن سبب حيرتهما وعبوستهما هو ما يُعانيانه من إحباط، فمَن كانا يظنانه المسيا، ويرجوان أنه مُزمع أن يفدي إسرائيل، قد مات. وبذلك انهارت كل آمالهما ورجائهما! وكان الأمر يتطلَّب من الرب أن يربط قلبيهما بالمكتوب وليس عيونهما بالمنظور. من أجل ذلك ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يُفسِّر لهما الأمور المُختصَّة به في جميع الكتب. كان لا بد أن يوضح لهما من خلال المكتوب حتمية موته، وأيضًا حتمية قيامته ومجده ( لو 24: 26 ). وما كان أعظم تأثير حديث الرب عليهما، إذ قالا: «أَ لَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِبًا فِينَا إِذ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ لَنَا الكُتُبَ؟». وإذ أُخذا بحديثه الشيِّق، ألزمَاه أن يمكث معهما، وهكذا نجد أن الضيف العظيم، صار هو المُضيف الكريم، «فَلَمَّ اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا»، وتم فيهما قول الرب: «أَتَعَـشَّى مَعَهُ، وَهُوَ مَعِي» ( رؤ 3: 20 ). وفي هذه المائدة الرائعة، نجد ذلك الضيف، بل المُضيف في نعمة بلا حدود يجلس إلى المائدة مع هذين التلميذين!! أي امتياز هذا؟ وأي سمو صار لهما؟ فليس عجيبًا أن تنفتح أعينهما عندما كَسَـرَ الخبز وناولهما! وكم نتعجب من سيدنا الكريم، الذي ارتضـى أن يسير معهما هذا الطريق الطويل، لينتهي بهما لا ماشيين عابسين يتكلَّمان ويتحاوران، بل جالسين معه إلى المائدة يستمتعان برفقة وحديث الرب نفسه!

وكان لا بد أن الفم يُخبر عمَّا فاض به القلب، وبرغم أنه نحو المساء وقد مالَ النهار، نجدهما بكل نشاط وحماس يرجعان إلى إخوتهما، وقد امتلأت أفواههما بكلام طيب، وأخبار سارة، وهناك في أورشليم دار ذلك الحديث المُتبادل بين التلاميذ والتلميذين؛ التلاميذ يقولون «إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالحَقِيقَةِ، وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!»، والتلميذان «يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الخُبْزِ».

ما أسمى قصد الرب، وما أروعه إذ يحقق قصده السامي معنا! فإن ضللنا بعيدًا يفتقدنا ويَصل بنا إلى أن نجد أنفسنا جالسين إلى مائدته يُشبعنا بيديه.

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net