الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 9 سبتمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أَ فأَنتَ إِذًا مَلِكٌ؟
«أَنتَ تقُولُ: إِني مَلِكٌ. لِهَذا قَدْ وُلِدْتُ أَنـا» ( يوحنا 18: 37 )
اعتراف المسيح الحَسَن أمام بيلاطس ( 1تي 6: 13 ) غطى أربع نقاط عظيمة على الأقـل:

أولاً: أن الرب اعترف بكل جُرأة أنه مَلِك «أَ مِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟» (ع34). ويُبيِّن السياق أنه في قوله هذا، لم يكن يُشير فقط إلى حقيقة كونه الابن الحقيقي لداود حسب الجسد، بل أيضًا أن يشغَـل هذا المكان لكونه ابن الله كما أنبأ مزمور 2: 7 «أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ».

ثانيًا: أنه أكد أن مملكته ليست «مِن هَذا العَالَمِ» ولا هي «مِنْ هُنَا» (ع36). فمملكته لا تحمل طبيعة ولا طابع هذا العالم، ولا هي تستمِّد سلطانها وقوتها من هذا المكان. فمملكته، بالطبع تستمِّد كل سلطانها وقوتها من السماء، وهي تحمل الطبيعة السماوية، ولكن بدلاً من أن يقول هذا بصيغة إيجابية، وضع الأمر في ذلك الضوء السلبي الذي يُصدِر ضمنًا حكمًا بالإدانة على هذا العالم وهذا المكان. وكان هذا تصرُّفًــا شجاعًا أن يقوله في حضرة الرَّجُل الذي يُمثـل أعظم قوة أرضية قائمة؛ بيلاطس.

ثالثًا: أكدّ يسوع أنه وُلِدَ ليكون ملكًا، بقدر ما أنه أتى إلى العالم ليشهد للحق (ع37). فذاك الذي يأتي بنور الحق، هو الوحيد الذي يصلُح أن يتبوأ السلطان المَلكي، كما قال داود في 2 صموئيل 23: 3 «إِذَا تَسَلَّطَ عَلَى النَّاسِ بَارٌّ يَتَسَلَّطُ بِخَوْفِ اللَّهِ».

رابعًا: بيَّن الرب أنه ليس مُجرَّد الشاهد عن الحق، بل إنه التجسيد للحق نفسه. ففي حديثه الوداعي قال لتلاميذه: «أنَا هُوَ ... الحَقُّ» ( يو 14: 5 )، والآن أمام أعدائه، نفس الشـيء جاء ضِمنًا في كلماته المشهورة: «لِهَذَا قَد أَتَيتُ إِلَى العَالَمِ لأَشهَدَ لِلحَقِّ. كُلُّ مَن هُوَ مِنَ الحَقِّ يَسمَعُ صَوتِي» (ع37). إنه الحق بشكل مُطلَق بحيث صار محك الامتحان لكل إنسان. وأولئك الذين يمكن أن يُقال عنهم: «شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الحَقِّ» ( يع 1: 18 )، هم «مِنَ الحَقِّ»، وهؤلاء يسمَعون صوته.

وبيلاطس لم يكن له أُذُن حقيقية لسماع صوته، وهذا تُبيِّنه كلماته وتصرفاته. لقد خرج من حضرة الحق لكي يتواصَل مرةً ثانية مع عالم الزيف، إلا أنه كان يَملِك حِسًا قضائيًا كافيًا أن يُدرك زيف الاتهام الموجَّه للرب، وأن يُعلِن: «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً» (ع38). إلا أن جهوده لإثناء المُشتكين بعادة إطلاق أسير في الفصح فشلت، بل أظهرت بأوضح صورة عداءهم الذي لا يمكن وصفه.

ف. ب. هول
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net