المسيح كان قد سبق وأنبأ بأن الناس سوف يستهزئون به ( مت 16: 21 ( مز 2: 4 -19). لكن الحقيقة أن «اَلسَّاكنُ في السَّمَاوَات يَضحَكُ. الرَّبُّ يَستَهزئُ بهم» ( مز 72: 9 ). لقد جثوا قدامه، مُتهكّمين على ذاك الذي، في يوم قوته، سيجثون له صاغرين، وسيلحسون التراب! (مز72: 9).
ولقد ألبسوا المسيح رداءً قرمزيًا للتهكُّم عليه، ذاك الذي، في يوم ظهوره، سيكون مُتسـربلاً بثوب مغموس بالدم، دم أعدائه ( رؤ 19: 13 ). وفي يوم ملكه، سيتم القول: «اَلرَّبُّ قَد ... لَبِسَ الجَلاَلَ» ( مز 93: 1 )!
لقد ألبسوه إكليلاً من شوك، ذاك الذي قريبًا، ستكون على رأسه تيجان كثيرة، إشارة إلى أن كل سلطان في السماء وعلى الأرض قد دُفع له ( مت 28: 18 )!
بالإجمال في يوم ضعفه كان منظره مفسدًا أكثر من الرَّجُل ( إش 53: 14 )، لكنه في يوم قوته ومُلكه سيُضيئ وجهه كالشمس! وسيكون واضحًا للجميع، من نفس ثوبه، أنه - ليس ملك اليهود فحسب - بل ملك الملوك ورب الأرباب ( رؤ 19: 16 )!
وبعدما استهزأ به الإنسان، سيقَ رب المجد من منصة القضاء إلى مكان التنفيذ دون إمهالٍ، بلا رثاء وبلا وداع. وتمت فيه كلمات نبوة إشعياء: «مِنَ الضُّغطَةِ (في جثسيماني) ومِنَ الدَّينُونَةِ (المحاكمة) أُخِذَ. وفِي جيلهِ مَن كانَ يَظُنّ أَنهُ قُطِعَ مِن أَرضِ الأَحيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِن أَجلِ ذَنبِ شَعبي؟» ( إش 53: 8 ).
ويمكننا أن نرى جملة من الدروس الهامة ونحن نشاهد المسيح متألمًا من صَنعة يديه في هذا المشهد المذيب:
أولاً: أن خطايانا هي التي عملت كل هذا في المسيح حَمَل الله.
ثانيًا: عُمق محبة المسيح الذي احتمل الصليب مُستهينًا بالخزي من أجل السرور الموضوع أمامه ( عب 12: 2 ).
ثالثًا: كمال صبر المسيح، ليتبرهن أن طاعته للآب كانت كاملة. ويا له من فارق بين هذا التصـرُّف الرائع هنا، وتصـرف آدم الأول وهو في الجنة مُحاطًا ببركات الله!
رابعًا: أن المسيح قَبِلَ أن يسبق قديسيه في هذا الطريق، طريق الألم، ليكون مثالاً لنا وقدوة. لقد قال لتلاميذه قبيل مضيه إلى البستان، في ليلة الآلام: «في العالَمِ سَيكونُ لكُم ضِيقٌ، ولكِن ثِقُوا: أَنا قَد غلَبتُ العَالَمَ» ( يو 16: 33 ).