كانت أسماء أسباط إسرائيل الإثنى عشر منقوشة على حجارة كريمة كان يحملها رئيس الكهنة فوق كتفيه (حَجَرَي الجَزْع - خروج 28: 9-12)، وعلى صَدرِه (صُدْرَةَ القَضَاءٍ - خروج 28: 15-20). وإن كانت الكتفان تُشيران إلى قوة الرب عاملة لأجلنا، فإن الصُدرة تُرينا عواطفه من نحونا.
أما عن ”الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ“ فهاتان الكلمتان عبريتان ومعناهما ”الأنوار والكمالات“. ولحكمةٍ ما، لم تُعطَ لنا تفاصيل عن كيفية وضعهما على الصُدرَة وكيفية صنعهما. وواضح أن الصُدرَة قد اكتسبت هذا الاسم (صُدْرَةَ القَضَاءٍ) بسبب الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ. والقضاء هنا لا يعني الدينونة، بل التمييز والرُّشد. في كلامنا العادي نقول: فلان هذا رَجُل رشيد أي رجل يستطيع أن يزن الأمور ويُعطي مشورة أو بالحري حُكمًا صائبًا. وفي مزمور119: 66 يقول المرنم: «ذَوْقًا (قضاءً) صَالِحًا ومَعرِفَةً عَلِّمني، لأَنِّي بوصَايَاكَ آمَنتُ».
ومن آيات عديدة في كلمة الله نتعلَّم أن ”الأُورِيمَ والتُّمِّيمَ“ يتعلَّق بإعلان فكر الله من جهة المسائل التي كانت تقع وسط الشعب. وواضح أنه في أيام الشدة والارتباك كان رئيس الكهنة بطريقةٍ ما بواسطة الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ يسأل، وكان الله يعطي الجواب.
إذًا نجد ثلاثة أشياء ظاهرة في مجال الكلام عن رداء رئيس الكهنة (الأفود) وهي: 1 ـ حجري الكتفين ويُشيران إلى القوة.
2 ـ الصُدرَة وتُشير إلى المحبة.
3 ـ الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ وتُشير إلى الحكمة.
وهذه تشكيلة كاملة، فقد تكون عندنا المحبة وتعوزنا القوة. فمثلاً قد تحنو أُم في رفق بالغ ومحبة شديدة على ابن لها على فراش الموت، ولكن تعوزها القدرة على حفظ حياته. وقد تكون عند رجل غني المحبة والمقدرة، ولكن تعوزه الحكمة، فيعطي ابنه كل ما اشتهى ولا يمنع عنه لذة مهما أنفق في سبيلها، إلى أن يفسد على ابنه حياته بسبب عدم الحكمة في توجيهه. لكن عندما تقترن الحكمة بالمحبة والقدرة، كما هي الحال مع ربنا المبارك في ارتباطه بشعبه، نتحصَّل على نتيجة كاملة. فليتنا نفرح على الدوام في اختبار كل هذه الصفات.