الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 18 أكتوبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
غنى نِعمتهِ
«لِيُظهِرَ في الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنى نِعمَتِهِ الفَائِقَ، باللُّطفِ علَينا في المَسِيحِ يَسوعَ» ( أفسس 2: 7 )
ما أعجب نعمة الله للخطاة! ما أعظم التغييرات التي تُجريها فيمَن يعرفونها؛ تغييرات في أفكارهم وأغراضهم ومقاصدهم وعواطفهم! إن النعمة تُعطينا فكر الرب من حيث ما نحن عليه في نظره وفي قلبه.

لقد ظن الابن الضال أنه من التواضع أن يقول: «اِجعَلني كأَحَدِ أَجْرَاكَ» ( لو 15: 19 )، لكن هذا لم يكن تواضعًا بالمرة. مثل هذه الأفكار كلها تنبع من القلب الطبيعي، الذي هو بالضـرورة مُتكبِّر وناموسي، ويجهل حالته الذاتية كُليَّة، كما يجهل نعمة الله. إن التواضع الحقيقي يُرى في الوقوف من بعيد، والاعتراف بعدم الاستحقاق، حتى لرفع العينين نحو السماء ( لو 18: 9 -14). إن عدم أهلية الابن الضال لأن يُقبَل كعبد لم تكن بأقل من عدم أهليته لأن يُقبَل ابنًا. لقد فقَدَ كل حق على أساس البر. لم تكن له سوى حُجة واحدة يُقدِّمها، ألا وهي حاجته الماسة؟ لم يكن ممكنًا أن يُقابَل إلا بالنعمة. لو كان قد قُوبِلَ على أساس البر لَديِنَ إلى الأبد. لكن النعمة سادَت. لم تُعدِّد خطاياه، ولو ذُكرت لَمَا استطاع أن يُجيب على واحدة من ألف.

إن مسألة الخطية قد سُويَت بين الله والمسيح على الصليب، والآن النعمة تُضـيء. إن قلب الآب هو الينبوع، كما أن له سروره الخاص في إظهار نعمته وعواطفه السامية. إنه يعمل بمحض إرادته، وكما يليق بشخصه المُحبّ. إن كلمات الابن الضال التي سبق فأعدَّها، لم تَصل قط إلى تلك الكلمات «اِجعَلني كأَحَدِ أَجْرَاكَ». النعمة تمنع ذلك. فالأب ركض لمقابلته «ووَقعَ على عنُقِهِ وقبَّلَهُ». لقد أُعلِنت المصالحة، وتمت في اللحظة التي فيها تلاقيا. لقد نال قُبلة المصالحة والسلام بالنعمة.

إن الله إذ قَبِلَ الفدية على الصليب فنحن نقبل المصالحة بمجرَّد أن نأتي إليه في المسيح. والآن إذ تمت المصالحة بدم الصليب، صار الذي كان يومًا هالكًا وساقطًا، ابنًا ووارثًا مع المسيح. هذه هي النعمة؛ نعمة الله في المسيح يسوع، لجميع الذين يؤمنون باسمه. ليس ذلك فقط، بل الشخص المؤمن سوف يُضيء في النعمة، ويكون إناء إظهارها خلال أجيال الأبدية التي لا تنتهي. سيستمر أولئك الذين صاروا موضوع تلك النعمة في الزمان، يُضيئون في لمعانها المتزايد إلى الأبد. حقًا ما أسمى المكان الذي يشغَلَهُ، وسيشغلَهُ إلى الأبد، ذلك الشخص الذي كان يومًا ما فقيرًا وحيدًا طريدًا، مائتًا بالذنوب والخطايا، لكن سُرَّ الله أن يُعلن نعمته في أوانٍ كانت هذه حالتها، وأن يُمجّدها!

أ. ج. بولوك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net