الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 26 أكتوبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
معجزة الكتاب
«لِكُلِّ كَمَالٍ رَأَيتُ حَدًّا، أَمَّا وَصِيَّتكَ فَوَاسِعَةٌ جدًّا» ( مزمور 119: 96 )
من أهم الأمور التي تدعو إلى إثارة الدهشة فينا، حقيقة تكوين هذا الكتاب. إن كل مَن يبحث في منشأ وتاريخ الكلمة الإلهية لا بد أن تتولاه الدهشة من جهة كيفية تكوينها. إن صيرورتها كتابًا في وقتٍ ما، وكون ذلك الكتاب هو كتاب العالم الحديث إنما في الواقع معجزة أدبية.

لم يصدر أمر لكائن ما أن يُصمم الكتاب. لم يكن هنالك مشـروع مُعَدٌّ لمَن قاموا بكتابته لتنفيذه. إن الكيفية التدريجية التي بها نما الكتاب عبر الأجيال، إنما هي معجزة الزمن، شيئًا فشيئًا، جزءًا فجزءًا، قرنًا بعد قرن، برز إلى الوجود في أجزاء مستقلة غير متصلة ( عب 1: 1 )، وقام بكتابته أُناس مُتباينون. دون أن يكون هناك هدف واضح أمامهم، أو تدبير سابق أو تصميم مركز، فقد كتب أحدهم جزءًا في فلسطين، وكتب آخر جزءًا ثانيًا في إيطاليا، وآخر في اليونان. كتب بعضهم قبل أو بعد البعض الآخر بمئات من السنين. وكُتب أول جزء منه قبل مولد كاتب الجزء الأخير بمئات عديدة من السنين. والآن خُذ أي كتاب آخر، ثم تأمل في كيفية ظهوره. إنك لا بد واجدٌ أن إنسانًا اعتزم تأليف كتاب، فاقتضـى الأمر منه تنسيق أفكاره وحشد مواد الكتاب ثم الشـروع في كتابته أو إملائه على آخر، ويَلي ذلك طبعه أو نسخه إلى أن يكمل إعداده.

والآن ها أمامنا كتاب استغرق إتمامه ما لا يقل عن ألف وخمسمائة عام، وامتد عبر ستين قرنًا من تاريخ هذا العالم. إليه يُعزى الفضل في معرفتنا بالله فإنه يمدّنا بالمعرفة عن أناة الله ولُطفه وكثرة مراحمه تُجاه الإنسان المُتمرِّد عبر السنين المضطربة. ويأخذ الكتاب في التجمُّع، من هنا قطعة من تاريخ، ومن هنالك مقتطف من سيرة. من هنا منظومة شعرية، ومن هنالك نبوة. من هنا رسالة، ومن هنالك رؤيا. وأخيرًا مع توالي الزمن وفي هدوء مُطلَق، كما حدث في بيت الله قديمًا ( 1مل 6: 7 )، إذا بالكتاب يبرز في ملء كماله أمام عالم معوز غاية العوز. لم يكن قد دُوِّن منه عند موت موسى سوى خمسة أجزاء. وعندما جلس داود على العرش زيدت بضعة رقوق، ثم ما لبث الأنبياء وأواني الوحي، كل يسهم بنصيبه حتى مع الزمن تمت كتابة العهد القديم والتأم في تلك الصورة التي له الآن تامًا كاملاً غير منقوص. وكما يشهد ”يوسيفوس“ لم يجرؤ أحد على أن يزيد عليه أو ينقص منه حرفًا واحدًا عبر هذه الأجيال، ولم يطرأ على العهد القديم أي تبديل مهما كان طفيفًا منذ أن وُجد إلى يومنا هذا.

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net