الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 11 ديسمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أَلزِمهُم بالدخُولِ
«قَالَ السَّيِّدُ لِلعَبدِ: اخرُج إِلَى الطرُقِ والسِّيَاجَاتِ وأَلْزِمْهُم بالدُّخولِ» ( لوقا 14: 23 )
كيف تتم عملية إدخال أو إلزام أولئك الذين في الشوارع والأزقة والمرتفعات والسياجات، كما يُشير مَثَل العشاء العظيم؟ إن في الإجابة على هذا السؤال فائدة لنا. لعل بؤسهم قد يكون ألزَمهم بهذا، فهم «المَسَاكِين وَالجُدع وَالعُرج وَالعُمي» ( لو 14: 21 ). ويمكن لنا أن نقول بأنهم كانوا أيضًا مُشـرَّدين بدون بيوت لأنهم وُجدوا في المرتفعات أو تحت السياجات. ولكن لم يكن البؤس، بل ولم تكن الدعوة التي وُجهت إليهم أيضًا كافية لإدخالهم إلى العشاء. إذ كان يجب أن يُلزمهم شخص آخر وهو عبد صاحب العشاء. إن الدعوة وحدها لا تكفي، فقد جُرِّبت وفشلت. إذن لا بد من إلزام.

ولكن كيف تتم عملية الإلزام هذه؟ إنني لا أشك في أن الرب يُعطينا الإجابة في مَثَل الابن الضال ( لو 15: 11 -24).

ففي الكورة البعيدة يُرى ذلك المخلوق المسكين في بؤس شديد، كواحد من الذين يُوجدون في الشوارع أو الأزقة أو المرتفعات أو تحت السياجات. ولكنه كان هناك في بؤسه، يُعارك ظروفه السيئة، ويَعول نفسه بأن يُقاسم الخنازير الخرنوب الذي تأكله، أو الحصول على شيء ما عن طريق الاستجداء من جيرانه. ولكنه أخيرًا «رجعَ إِلَى نَفسهِ». ويُعتبر هذا ”الرجوع إلى النفس“ شيئًا جديدًا؛ جديدًا أخلاقيًا. وما الذي سبَّب هذا التغيير؟ لم يُسببه بؤسه، فتغيير مثل هذا يجب أن ينبع من نبع أدبي، يجب أن ينبع من قوة تفحص النفس. وكما نرى في مَثَل العشاء العظيم، إنه ليس بؤس الأزقة والمرتفعات هو الذي أتى بالضيوف إلى العشاء، بل إلزام خادم رب العشاء، كذلك هنا، فالبؤس ترك الابن الضال مكدودًا ومُتسولاً. لكن أتت اللحظة، عندما وجد نفسه مدفوعًا بنوع من الإلزام، وبفعل قوة أدبية خفية، أدرك حقيقة نفسه، وتذكَّر بيت أبيه. لقد تمَّ هذا بفعل خدمة مباركة في نظام النعمة الإلهية، وهي افتقاد روح الله الذي قاد الضال إلى الشعور بحقيقة نفسه، وإلى اكتشاف الله في بركته وصلاحه. هذا ما حدث في نفسه، وهو ما حدث لنفس المرأة السامرية عند سوخار. وهذا هو الذي لا يزال يحدث في نفوس شعب الله الذين سبق فعرفهم. وهكذا نرى ذلك الضال، مُتسول الطرقات، وقاطن الحواري القذرة من المدينة، يرجع إلى نفسه، ويكتشف حالته وشخصيته، فيقوم برحلته، والنتيجة معروفة:

سنكونُ الدَّهرَ مَعهُ للأَبَدْ في دِيَارٍ زَانَها الرَّبُّ الصَّمَدْ
حيثُ لا حُزنَ ولا أَيَّ كمَدْ فَافْتحِ القَلبَ وَأَسرِعْ عَاجِـلاً

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net