الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 13 ديسمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
طلبتُ من أَجلِكَ
«طَلَبتُ مِن أَجلِكَ لِكَي لا يَفنى إِيمَانكَ» ( لوقا 22: 32 )
لو كان بطرس قد مشـى مُتمهلاً، ولو كان قد سعى للحصول على قوة إلهية بتواضع واجتهاد، ولو كان قد حكَم على نفسه في الخفاء، لَمَا كانت هناك حاجة مُطلقًا لغربال الشيطان. وشكرًا لله إذ ليس للشيطان أية قوة على نفس تسير بتواضع مع الله، لأن في حضـرته كل أمان، وما من سهم واحد في جعبة العدو كلها يستطيع أن يصل إلى شخص معتمد ببساطة الثقة على ذراع الإله الحي. وهنا كانت غلطة بطرس، ومن ثم كان عليه أن يجوز في عملية مُرَّة للغاية حقًا، حتى بذلك يتعلَّم حقيقة نفسه.

ولكن ما أقوى وأثمن هذه الكلمات: «طَلَبتُ مِن أَجلكَ»! هنا كل السـر بلا نزاع، وهنا كانت العِلَّة الحافظة. فصلاة الرب يسوع هي التي حفظت نفس تلميذه المُخطئ في تلك الساعة الرهيبة التي كان يريد أن ينتهزها العدو المارق ليهشمه تهشيمًا لو أمكن ذلك. ولكن ماذا يستطيع الشيطان أن يفعل في أمر يتداخل فيه المسيح الكُلِّي القدرة؟ لا شيء. فهذه الصلاة العجيبة كانت الأساس في نجاة بطرس في الوقت الذي لم يكن فيه بحسب تقدير الإنسان أي أمل في النجاة. ولأي شيء صلَّى سيِّدنا؟ أ لكي لا يرتكب بطرس خطية إنكاره الفظيعة؟ أ لكي لا يلعن ولا يحلف؟ لا هذا ولا ذاك. فلأي شيء إذًا؟ الجواب: «طَلَبتُ مِن أَجلِكَ لكي لاَ يَفنى إِيمَانكَ».

هل من شيء أبرع جمالاً من هذه النعمة؟ ذلك السَيِّد الرحيم المُحب الأمين، وهو عالم بخطية بطرس الشنيعة، وعارف بكل ما  كان سيحدث منه، نراه يتشفع لأجله، حتى - رغمًا عن كل ما كان سيحدث من إنكار ولعن وحلف ونسيان - لا تتزعزع ثقته ولا يفقد اليقين بالثبات الأبدي لتلك النعمة التي انتشلته من أعماق خرابه وشرَّه. يا لها من نعمة ليس لها مثيل! حقًا إنه لا يوجد شيء يضارع ما فيها من جمال وبركة. لو لم تكن هذه الصلاة، لضاعت حتمًا ثقة بطرس، وما كان ممكنًا له أبدًا أن يتغلَّب ويخرج منتصرًا من ذلك الصـراع العنيف الذي كانت ستجوز فيه نفسه. ولكن شكرًا وحمدًا لإلهنا فالعدو لا يمكنه أن يفوز «إِلى هُنا تأتِي ولا تتعَدَّى» ( أي 11: 38 ). فإنَّ تداخل شفيعنا الإلهي الكُلِّي القدرة، ربنا يسوع، الذي يحفظ الإيمان في وسط امتحانه المُرّ، يحمل النفس فوق المياه العميقة المُظلمة، ويعيد حلقة الاتصال المُنكسـرة، ويشفي الجراح الروحية، ويُقيم الساقط، ويرُّد الضال، ويملأ القلب بالشكر والمديح.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net