الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 2 ديسمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
خُوار ثور
«لأنَّ التمَرُّدَ كخطِيَّةِ العِرَافَةِ، والعِنادُ كَالوَثنِ والترَافِيمِ» ( 1صموئيل 15: 23 )
أمرَ الله شاول أن يُحَرِّم عماليق – الأموال والأنفس – لا يعفو عن شيء. ولكن شاول عفا عن مَلكهم أجاج، وعن خيار الغنم والبقر. وفي لحظة حرجة، ظهر صموئيل. وشاول – كعادته – يُبادره بالقول: «مُبارَكٌ أَنتَ لِلرَّبِّ. قَد أَقَمتُ كلامَ الرَّبِّ» (ع13). وفي تلك اللحظة بالذات يسمع صموئيل خوار البقر وغثاء الغنم، فيسأل: «وما هوَ صَوتُ الغنَمِ هذَا فِي أُذُنيَّ، وصوتُ البقَرِ الذي أَنا سامِعٌ؟» (ع14). والواقع غالبًا ما تبدر بادرة لم يُعمَل حسابها، فتفضح الرَجُل الذي يظهَر بين إخوته على غير حقيقته. قد يبدو هذا الشخص وكأن كل شيء على ما يُرام، لكن يومًا ما يخور ثور على غير انتظار، ويحكي قصة لم تسمَع بها الآذان. وخطايانا أسوأ ما فيها ليس هو أن تُكتشف، بل الأسوأ أنها تكشفنا نحن، وتفضح حقيقتنا. وفي هذا الفصل يستخدم الله خوار ثور ليفضح الملك. ولا عِبرة بكيف اجتهدنا أن نداري الأمر. وإذا كنا نحاور ونُداور في أشياء حرَّمها الله ونهى عنها، ونجعل منها موضوع أخذ ورَّد، وتساؤل وجدال، لا بد أن هذه الأشياء عينها يومًا ما تديننا. والثور الذي كان يجب أن نذبحه، ولكننا أبقينا عليه، لا بد يومًا يخور، ويفضح في لحظة لا ننتظرها ادعاءاتنا الفارغة، التي لا تستطيع كلماتنا المعسولة أن تخفيها.

لمَّا أُمسِكَ شاول متلبسًا بخطيته كان أسوأ ما في الأمر أنه راح يتعلَّل ويَسوق المُبررات – كما نفعل نحن أحيانًا - ولم يتضع نادمًا وتائبًا. صحيح هو قال: «أَخطَأتُ» (ع24، 30)، لكنه لم يُظهِر أقل ثمر يليق بالتوبة. إن من علامات عدم خضوع النفس أنها تُجادل في الأمر، وتشرح الأسباب، لتبرير ذاتها. وما أكثر دفاع النفس لتبرير ذاتها عندما لا تريد الخضوع للحق الإلهي. يقول شاول لصموئيل إن ما استبقى من الغنيمة، من بقر وغنم، إنما عُفيَ عنه لأجل تقديم ذبائح للرب في الجلجال. لكن الغاية لا تُبرِّر الوسيلة، والمال الحرام لا يُقدَّس بتقديم العشور منه لله، لأن الله لا يقبل تقدمة هي ثمرة عدم الطاعة.

وجواب صموئيل على شاول هو جواب يحمل حقًا خالدًا: «هَل مسَـرَّةُ الرَّبِّ بالمُحرَقات والذَّبائِحِ كمَا باستمَاعِ صَوتِ الرَّبِّ؟ هُوَذا الاِستماعُ (الطاعة) أَفضَلُ من الذبِيحة، والإِصغَاءُ أَفضلُ من شَحمِ الكِبَاشِ» (ع22). إن الله لا يرضى أن نقترب إليه بالشفتين فقط، وقلوبنا بعيدة عنه. ويُكمل صموئيل كلامه لشاول قائلاً: «لأَنَّ التَّمَرُّد كَخطيَّة العِرافةِ، والعِنادُ كالوثَنِ والترافيمِ (عبادة الأوثان)». أما نحن فقد لا نجعل العناد في مستوى الإثم وعبادة الأصنام، لكن هكذا يحسبه الله.

روسييه
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net