الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 3 ديسمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رآهُم مُعَذّبين
«رَآهُم مُعَذبِينَ فِي الجَذفِ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانت ضِدَّهُم» ( مرقس 6: 48 )
بعدما وَدَّعَ الربُّ تلاميذه «مضى إِلى الجبلِ ليُصلِّيَ» ( مر 6: 46 ). ولتكن هذه الحقيقة هي الحقيقة الأولى العظمى لتعزيتنا. ويقينًا كان لهؤلاء التلاميذ نصيب في صلاته هذه الليلة. كان يتشفع لأجلهم، فهم ظاهريًا قد تُركوا؛ تُركوا ليواجهوا بحرًا هائجًا، وأمواجًا عاتية. إلا أن الرب لم يَنسهم، وكان يُصلِّي من أجلهم. ولماذا كان يُصلِّي مِن أجلهم؟ لأنه أحبهم. فهل انقطع عن أن يهتم بتلاميذه المُجرَّبين المنزعجين، والذين ظنوا أنهم قد تُركوا ليواجهوا البحر الهائج المرعب بمفردهم؟ كلا! إنه – في الماضي والحاضر والمستقبل - هو هو. وعلى جبل المجد؛ يمين الله، يُصلِّي مِن أجل خاصته، كما يذكر لنا الرسول بولس في رومية 8: 34 «المسِيحُ هوَ الذي ماتَ، بَل بالحَريِّ قامَ ..، الذي هوَ .. عن يمينِ اللهِ، الذي أيضًا يشفَعُ فينَا!».

ولقد قيل: عظيمة هي محبة الرب تجاهنا، حتى إنه لو استلزم الأمر فإنه سيأتي ثانيةً، من السماء، ليُقاسي آلام وموت الجلجثة المُرعب، لأجلنا. ولكن شكرًا للرب أنه لا يلزم ذلك قطعًا «لأَنهُ بقُربانٍ واحدٍ قد أَكمَلَ إِلَى الأَبدِ المُقدَّسينَ» ( عب 10: 14 ). ولكن الأمر يستلزم حياته ليخدمنا بشفاعته. وهذا هو عين ما يفعله وما سيفعله إلى النهاية، لأن محبته التي تملأ جوانحه غير متغيرة؛ هي ذات المحبة التي دفعته ليُقدِّم نفسه ذبيحة على الصليب لأجلنا.

وينبغي أن ندرك بأكثر فاعلية هذه المحبة الحية، وخدمة ربنا الحية تلك لأجلنا، لأنها حتمية لخلاصنا اليومي. إنها خدمة مستمرة دائمة فعالة؛ فهو حيّ ليشفع لأجلنا.

هذا وبينما قلبه وصوته يصـرخان من أجل تلاميذه فيما تُلاطمهم العاصفة، إلا أن نظره لم يتحوَّل عنهم «رَآهُم مُعَذَّبينَ فِي الجَذفِ، لأنَّ الرِّيحَ كانت ضِدَّهُم» (ع48). وكما كان، هكذا هو الآن؛ هو يُراقب خاصته. هو يُصلِّي لأجلهم. وهو يراهم. قد يكون ثمة أحد طريح فراش الألم، بلا رجاء في راحة فيما هو هنا، وآخر تطحنه تجربة ظروف تحرمه من كل استنارة، وتُبدِّل أغانيه إلى تأوهات متصلة. وثالث يزحف وحيدًا، ويتعثر في طريق مُظلم بارد موحش، والموت يقترب منه لينشب فيه أظافره. الرب يرى أولئك، فضلاً عن جميع القديسين الذين يُعانون ويُقاسون، بل هو يعيش ليشفع لأجلهم، وليقترب إليهم في ضيقاتهم، ليجعلهم أعظم من منتصـرين فيما هم يجتازونها.

ج. ت. ماوسون
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net