في نور العهد الجديد نتعلَّم أن الخطية - كأصل رديء - موجودة في المؤمن. هي طبيعة ساقطة تتنافر تلقائيًا مع طبيعة الله القدوسة. هذه يجب أن تنتهي تمامًا، وقد حصل هذا شرعًا في صليب المسيح، ويحصل هذا حسابيًا في إماتة أعضاء المؤمن التي على الأرض، وفعليًا عند خلع المسكن الأرضي، أو عندما نلبس فوقه المسكن المُمجَّد. إن المؤمن مات عن الخطية بالصليب، والخطية الساكنة فيه قد دِينت، وستنتهي منه بافتداء الجسد.
وفي ذبيحة الخطية نرى المسيح كمَن قُدِم مرة ليحمل دينونة الخطية، ويتحمَّل في نفسه وجسده كل نتائجها الرهيبة، وقد تجرَّع كأسها المُرَّة في ساعات الظلمة التي غطت مشهد الصليب. وعن وطأة تلك الدينونة القاسية، عبَّر يسوع المسيح، بروح النبوة، قائلاً: «إِلَهي، إِلَهي، لماذَا تركتني؟» ( مز 22: 1 ؛ مر15: 34).
كانت الذبيحة – إذا كانت ذبيحة خطية – تُعتبر متوحدة مع خطية مُقدِّمها في كل شناعتها، بينما هي في المُحرقة كانت تُعتبر متوحدة مع المسيح في طاعته لله. لذلك وضْع الأيدي في كلتيهما يُشير إلى وضع مُقدِّم الذبيحة نفسه موضع الذبيحة، فيُحسَب له كمالها في المُحرقة، وتُحسَب عليها خطيته في ذبيحة الخطية. وفي الصليب أخذ المسيح مركزنا، لكي يصير لنا مركزه. أخذ لعنة خطيتنا حين عُومل كذبيحة خطية لأجلنا، وأخذنا نحن بركات كمالاته باعتباره مُحرقة. في المُحرقة صعدت كمالات واستحقاقات المسيح رائحة طيبة أمام الله. وفي ذبيحة الخطية نظر الله إلى الذبيحة فيما يستوجبه مُقدمها من دينونة عادلة «المسيحَ .. تَألَّمَ مرَّةً واحدَةً مِن أَجلِ الخطَايا، البارُّ من أَجلِ الأَثمَة» ( 1بط 3: 18 ).
لكن لا ننسى أنه إذا كانت المُحرقة كلها من نصيب الله لأنها تُشير إلى طاعة المسيح لمشيئة الله حتى الموت، فإن للمسيح، باعتباره ذبيحة خطية سددت حاجة الإنسان، كمالات وأمجاد أدبية أشبعت قلب الله، حتى وهو يواجه دينونة الله ضد الخطية. نعم كان لله نصيب حتى في ذبيحة الخطية، فإن شحم الذبيحة وزيادة الكبد والكليتين – أثمن أجزاء الذبيحة – كانت تُوقَد على مذبح المُحرقة، ولا تُحرَق مع جسم الذبيحة، مثل المُحرقة وذبيحة السلامة وقربان الدقيق. هذا معناه أن الله له تقديره الكبير لكمالات المسيح وعظمة صفاته الأدبية، حتى وهو على الصليب كذبيحة خطية. حقًا كان المسيح عظيمًا وساميًا عند الله، حتى في تواضعه العجيب.