لم يأتِ بها المشتكون عليها إلى المجمع للمحاكمة، بل أتوا بها إلى الرب يسوع «ليُجَرِّبُوهُ، لكي يكونَ لَهُم ما يَشتكونَ به علَيه». وقد كان هذا من حسن حظها، فلو أتوا بها إلى إنسان آخر، لأوقعوا بها حكم الموت، رجمًا؛ طبقًا للناموس، فلا مناص ولا نجاة.
بلا شك، أن هذه المرأة قد توَّسلَت إلى مُمسكيها وهم ماضون بها في شوارع أورشليم؛ لكي يتركوها، مُترجيَّة إيَّاهم ألَّا يُشهروا بها. وأيضًا لا يُحاكمونها، مُعلنة لهم توبتها. ولكن حدث عكس ذلك، ولم يستجيبوا لها. وإمعانًا في إذلالها، أقاموها في وسط الجموع، بدلاً من أن يُقيموها من سقطتها وحالتها المذرية.
لكن نجد أن الرب قلَب الموازين رأسًا على عقب، وأمسك بزمام القضية. فصاروا هم المتهمين، وأصبح هو القاضي! إذ وجَّه إليهم عبارته الفاصلة: «مَن كانَ منكُم بلاَ خطيَّة فَليَرمِهَا أَوَّلاً بحَجَرٍ!». وهذا القول طالَهم جميعًا، فإذ «كانَت ضَمائرُهُم تُبكِّتهُم، خرَجُوا واحِدًا فَواحِدًا، مُبتدئينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرينَ». فسقطت الحجارة من أيديهم، إذ سقطت شكايتهم.
وإذ غادر المُشتكون المكان بخزي أنفسهم، وجدت المرأة نفسها في وسط آخر. فقد احتواها المسيح بمحبته وحنانه ورحمته. ورفع من نفسيتها، بقوله لها: «يا امرَأَةُ»؛ وهذا التعبير ينم على الاحترام والتقدير، الذي لم تجده من الآخرين. ثم أكمل: «أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟». فأجابت: «لاَ أَحدَ، يا سَيِّدُ!». فنرى تقديرها الكامل للرب، وأيضًا ارتقت في تعبيرها عمن اشتكوها إذ دعوه: «يَا مُعَلِّمُ». فبادرها بالقول كمَن له حق الإدانة: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ» وهنا تنفست الصعداء؛ إذ زال عنها خطر الموت تحت القضاء. ثم عاجلها بقوله: «اذهَبي ولاَ تُخطئي أَيضًا». وهنا وجدت نفسها حرَّة طليقة، إذ زال عنها رهبة المشتكين عليها، مع وصية الرب لها بألَّا ترجع إلى ماضيهاالمُلوَّث.
إن المرأة قد ذهبت أدراجها، وبالتأكيد، لم ترجع إلى سابق عهدها الذي سلكته بل رجعت في طريق آخر، وهو طريق التوبة والندم على ماضيها، فقد تقابلت مع ذلك المُخلِّص القدوس.
عزيزي .. إن كان هناك رجاء لمثل هذه المرأة! ألا يوجد رجاء لكَ، مهما كانت حالتك؟! ومهما كان ما وصلت إليه في الخطية والشـر؟! نقول: إنه يوجد رجاء في الرب يسوع المُخلِّص «ثِق! قُم! هُوَذَا يُنَادِيكَ» ... فتعالَ إليه!