الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق ‫الخميس‬ ‫13‬ ‫يونيو‬ 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
‫شاول الذي هو بولس‬
‫«أَحيَا لاَ أَنا، بَلِ المَسِيحُ يَحيَا فِيَّ»‬‫ ( غلاطية 2: 20 )
‫ نهض شاول من سقوطه على طريق دمشق ليكون شمشون العهد الجديد، فقلع أبواب التاريخ من مصاريعها، وحوَّل مجاري الجلجثة المُطهِّرة نحو مفاسد آسيا وعوائد اليهودية ومخازي الفلسفة الكاذبة الإسم. هذا الرَجُل المُبارك، إذ وجد سلامًا مع الله، راح يُحارب كل ما ليس من الله. وبجهالة الكرازة استوقف حكمة أثينا، وامتدت أعناق حكمائها ومُباحثيها، ليُصغوا إلى ما يقول، وإذ نفخ في بوق القيامة تدَاعت حكمتهم، وتضاءل انتفاخهم.‬

‫ ما تلك القوة التي بها كان قادرًا على هدم حصون فكرية عالية؟ والتي بها احتمل مقاومة لا مثيل لها؟ إن السـر كله ينحصـر في هذه الحقيقة التي سجلها بولس لتقرأها الأجيال «أَحيَا لا أَنا، بلِ المسِيحُ يَحيَا فِيَ» ( غل 2: 20 ). ‬

‫ بولس من حضيض الإفلاس الروحي الذي عبَّر عنه قائلاً: «إِن كنتُ ما لَستُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفعَلُ، فلَستُ بَعدُ أَفعَلهُ أَنَا، بلِ الخطيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ» ( رو 7: 20 )، يطفو إلى قمة السمو الروحي، ومن هناك يقول: «أَحيَا لاَ أَنَا، بلِ المسيحُ يحيَا فِيَّ» ( غل 2: 20 ). فيا لها من حياة تغيَّرت إلى التمام.‬

‫ تلك الحياة الجديدة كانت رسالة حية. اسمعه يقول: «وما تعَلَّمتُمُوهُ، وتسَلَّمتموهُ، وسَمِعتموهُ، ورَأَيتموهُ فِيَّ، فهذَا افعَلُوا» ( في 4: 9 ). إن بولس كان مُستثنى، حتى بين رفقائه الرسل، بما كتب من رسائل، وما اختُص به من إعلانات، وما أسس من كنائس. وكان هو أيضًا مُستثنى في الآلام (2كو11). لقد فاق على الشهداء جميعًا، وبين القديسين لا يُبارَى. امتيازات الموطن والمولد والحسَب والنسَب، جميعها كانت في حسابه نفاية، لكي يربح المسيح ويُوجد فيه. ثم هو كان مُستثنى في جَلَدِهِ على الصلاة، ومثل بولس لم يصلِّ أحد قط. كان بولس يُصلِّي على مبدأ الزرع والحصاد. صلِّ بشح، احصد أيضًا بشح، صلِّ بوفرة، احصد أيضًا بوفرة. أما نحن فنحاول دائمًا أن نأخذ من الأثمار أكثر مما رمينا من بذور.‬

‫ إنه لم يكتب عن حياة المسيح ولكنه عاش هذه الحياة، وأعلنها معترفًا بأنه مديون للرب، وكانت لذة قلبه ومسـرَّته أن يُبرئ ذمته من هذا الدين إن كان ممكنًا. ربما كلَّفه ذلك الحبس والقيود، وقد فضَّل بولس أن يكون أسير الرب لبضع سنوات على أن يصير كثيرون ممَّن كان يكرز لهم أسرى الشيطان في جهنم إلى الأبد. عاش بولس مصلوبًا مع المسيح، فعايَن الحياة الأفضل، ومات كما يموت أعاظم المنتصـرين. ‬

‫ ف. ب. ماير‬
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net