الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 19 يوليو 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الله وحياتنا اليومية
«فَوَجَدَهُ رَجُلٌ وَإِذا هُوَ ضَالٌّ فِي الحَقلِ» ( تكوين 37: 15 )
عند قراءتنا للكتاب المقدس، نلاحظ تداخل الله في الأمور اليومية الاعتيادية. ففي تكوين 37 مثلاً، نرى يوسف، في طريق طاعته لأبيه، سائرًا للتفتيش عن إخوته، ولكنه تائه لا يعرف أين هم «فوجَدَهُ رَجُلٌ وإِذَا هوَ ضَالٌّ فِي الحَقلِ». وهذا الرجل بعينه كان قد سمع إخوة يوسف يقولون إنهم ذاهبون إلى دوثان (ع17)، وبذلك أمكنه أن يرشد يوسف عن مقرّهم.

والآن أي مؤمن يُمكنه أن يتجاسر فيقول إن مقابلة هذا الرجل ليوسف وإرشاده إيَّاه، كانت مُجرَّد صدفة، وأن الله لم يكن له أي شأن بذلك الرَجُل الذي وجده ضالاً في الحقل؟ إن كثيرًا من الحوادث العظيمة ترجع في أصلها إلى أسباب حقيرة وغير منتظرة، وإلى أمور تظهر لنا كأنها لا شيء، أو كأنها أشياء اعتيادية لا قيمة لها، ولكننا عندما ”سنَعرِفُ كمَا عُرِفنا “ ( 1كو 13: 12 )، ونفهم أعمال الله في حياة أولئك الذين يتكلون عليه، سيملأنا العجب عندما نُدرك كيف أنه كان موجودًا معنا باستمرار، وإن كنا لم ندرك ذلك نحن مرارًا كثيرة، وكيف أننا كنا مدينين له كثيرًا في جميع أمورنا.

وعندما كان داود يُطارد العمالقة الذين ضربوا صقلغ وأحرقوها بالنار (1صم30)، وجدَ رجاله رجلاً مصريًا في الحقل، لكنه في حالة النزع. هذا الرَجُل عندما رجعت روحه إليه بعد أن أنعشوه بالخبز والماء وأقراص التين والزبيب، استطاع أن يُعطي داود المعلومات التي هو في حاجة إليها للحاق بالعمالقة. فكأن الله قد استخدم هذه الآلة الضعيفة وعديمة النفع حسب الظاهر، لإنجاح طريق داود، وتغلُّبه على أعدائه. وإننا نفعل حسنًا بتأملنا في هذه الحوادث الصغيرة، وبملاحظة طرق الله في حياتنا اليومية، لأنه من عدم الإيمان والعمى الروحي أن نحصـر وجود الله في الحوادث التي نُسميها معجزات خارقة للطبيعة، ولا نتطلَّع إليه ونتكل عليه في الأمور التي نُسميها اعتيادية.

إنه لأمر يتضمن إعلانًا إلهيًا جليلاً أن الله يأمر الغربان أن تحمل إلى إيليا خبزًا ولحمًا في الصباح، وخبزًا ولحمًا في المساء (1مل17). ولكن لا شك أن الله الذي كان موجودًا في تدبير حاجة عبده وقتئذٍ في زمن الجوع، هو نفسه موجود لتدبير حاجات شعبه الآن في زمن الخيرات، وبواسطة الظروف الاعتيادية. إن الله إذ يُعطينا صورًا من الضيقات والتجارب التي سمح بأن يُجيز فيها قديسيه، لا يتركنا بدون أن يُعرّفنا كيف كان خلاصهم من هذه الضيقات، حتى يجعل الأجيال من أولاده يثقون فيه، ويتكلون عليه في كل الظروف.

ف. ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net