الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 11 أغسطس 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أَيَّ شرّ عَمِلَ؟
«قَالَ لَهُ الجَمِيعُ: لِيُصلَب! فَقَالَ الوَالِي: وأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» ( متى 27: 22 ، 23)
ويحك أيها الإنسان. إن الذين بالأمس هتفوا بالأوصنا، يصـرخون اليوم: «اصلِبهُ! اصلِبهُ!» ( لو 23: 21 ). وبين عشية وضحاها انقلب الحماس الجارف إلى عداوة قاتلة. ومع هذا الانقلاب المفاجئ المتفجر أُهدر كل مبدأ. «وأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» هذا ما يُثيره بيلاطس.

إن الله، الذي تداخل المرة بعد المرة ليشهد من السماء لابنه الحبيب، يسكت في تلك الساعة وفي ذلك اليوم، ونحن نعرف لماذا، ومع ذلك فإن براءة الرب يسوع في حياته على الأرض وفي مماته، تبرهنت أحد عشرة مرة بواسطة الإنسان: مرة بفم يهوذا ( مت 27: 4 )، وسبع مرات بفم بيلاطس ( لو 23: 4 ، 14، 15، 22؛ يو19: 4، 6؛ مت27: 24)، ومرة بواسطة زوجة بيلاطس ( مت 27: 9 )، ومرة بواسطة اللص التائب ( لو 23: 41 )، ومرة أخيرة بواسطة قائد المائة ( لو 23: 47 ).

ورغم كل ذلك، فإن ذلك الوالي القاسي الذي كان معهودًا فيه الجبروت والظلم، وقد شهد سبع مرات أن هذا الذي يتهمونه بما يستحق الموت، بريء، وكان يمكنه أن يستند إلى موقف هيرودس، أو إلى تحذير امرأته، أو إلى ما حلّ بيهوذا الذي أسلمه شهادة على براءته، ولكنه لم يفعل، بل بالحري استسلَم للجمهور لأنه «رأَى ... أَنَّهُ لا ينفَعُ شيئًا، بل بالحَريِّ يَحدُثُ شَغَبٌ» ( مت 27: 24 ). وهذه العبارة تُرينا الضعف الأدبي عند هذا الوالي؛ كان يخشـى هياج الشعب، لأنه كان يخاف على منصبه. وإذ كان يحب العالم ومجد الوظيفة «كانَ يُريدُ أَن يَعملَ للجَمعِ ما يُرضِيهم» ( مر 15: 15 ) فحكم لهم بما طلبوه. ولمَّا نطق بالحكم وغسل يديه إشارة إلى براءته، صاحَ جميع الشعب وقالوا تلك العبارة الخطيرة: «دَمُهُ علَينا وعلَى أَولاَدِنَا» ( مت 27: 25 ).

والله الذي يعرف كل كلمة في أفواهنا، في طول أناته، أعطى ذلك الشعب أربعين سنة كلها نعمة، بعد هذا الحكم الذي قبلوه على أنفسهم «دَمُهُ علَينَا وعلَى أَولادِنَا». لكن عندما انتهت سنوات هذه النعمة، جاءت على الذين لم يقبلوا الإنجيل، اللعنة التي أرادوها لأنفسهم حرفيًا. ويقول التاريخ إن مليون يهودي قُتلوا عندما أخرَب تيطس الروماني أُورشليم في سنة 70 ميلادية. وإلى يومنا هذا لم يَزَل ذلك الشعب التعيس الأعمى يرزح تحت هذه اللعنة.

من أَجلِهم ذاقَ مَوتَ الصَّليبْ مَن غَيرُهُ في اتِّضَاعٍ عَجيبْ
مضـَى ليَحمِلَ الحُكمَ الرَّهِيبْ مَن يا تُرى مِثلُ هذَا الحَبيبْ

فريتز فون كيتسل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net