الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 15 أغسطس 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إِسحَاق ورفقة
«وأَخرَجَ العَبدُ آنيَةَ فِضَّةٍ وآنيَةَ ذهَبٍ وثيَاباً وَأَعطَاهَا لِرِفقَةَ» ( تكوين 24: 53 )
التعليم الرمزي المُتضَّمن في تكوين 24 من أجمل ما احتوَت عليه كلمة الله. فإبراهيم رمز لله الآب، وإسحاق رمز للرب يسوع، كما أن عبد إبراهيم رمز واضح للروح القدس الذي جاء إلى الأرض، ليأخذ من البشـر شعبًا على اسم الرب ( أع 15: 14 )؛ شعبًا سيُعرَف في يوم من الأيام باسم «العَرُوسَ امرَأَةَ الخرُوفِ».

وفي بيت رفقة تكلَّم العبد عن غنى إسحاق، وعن كل ما له من أشياء ومن صفات، جعلت رفقة تتوق إلى الذهاب معه «فقَالَت: أَذهَبُ» (ع58). وقد رغب أهل بيتها في تأخير الفتاة «فقالَ أَخوهَا وأُمُّهَا: لتمكُث الفتاةُ عندنَا أَيَّامًا أَو عشـرَةً، بعدَ ذلكَ تَمضـي» (ع55). ولكن لنلاحظ وقفة العبد الأمين في وجه هذا الاعتراض: «فقالَ لَهُم: لا تُعَوِّقوني والرَّبُّ قَد أَنجَحَ طَريقي. اصرِفُونِي لأَذهبَ إِلَى سَيِّدي» (ع56). وفيه نرى رمزًا بديعًا لتأثير تداخل الروح القدس إلى جانب المؤمن المُجرَّب، حتى من أصدق أصدقائه، لكي يتنحى عن الطريق الضيق. كثيرون يُعطّلهم أعداؤهم، لكن كثيرين أيضًا يُعطّلهم أصدقاؤهم، الذين يُريدون حجزهم بعيدًا عن طريق الرب. وما أحوج مثل هؤلاء إلى قيادة الروح القدس في حياتهم!

أما عن الهدايا التي قدَّمها العبد إلى رفقة، فقد «أَخرجَ العَبدُ آنيَةَ فضَّةٍ وآنيةَ ذهَبٍ وثيَابًا وأَعطاهَا لرِفقَة» (ع53). وما أنسب أن تتزيَّن رفقة لأجل مُلاقاة إسحاق! وما أعمق المعنى المُتضَّمن في أن رفقة لم تأتِ بزينتها من عندها! هذا يُذكِّرنا بتسبيحة إشعياء: «فرَحًا أَفرَحُ بالرَّبِّ ..، لأَنَّهُ قَد أَلبسَني ثيابَ الخلاَصِ. كسَاني رِداءَ البِرِّ، مثلَ عريسٍ يتزيَّنُ بعمَامَةٍ، ومثلَ عرُوسٍ تتزيَّنُ بحُلِيِّهَا» ( إش 61: 10 ).

بدأت الرحلة، وفي الوقت المُعيَّن انتهت أجمل نهاية. ولا شك أن رفقة كانت تتسلَّى بكل كلمة كان يقولها العبد عن إسحاق. وهل هناك ما يرفع نفوسنا، ويسمو بأشواقنا، ويُخفف علينا وعورة الطريق إلا مشغوليتنا بما في ربنا وعريسنا من كمالات، وتوَّقع مُلاقاته في الهواء؟

أخيرًا نقرأ أن رفقة أخذت البرقع وتغطت وهي على قيد خطوات من إسحاق (ع65). إنها أمام إسحاق شعرت وتحققت بضآلة ذاتها أمام عظمته. شعرت أنها لا شيء، فتغطت علامة الاتضاع الكامل في محضـر رأسها وعريسها. وتقدَّمت وهي في هذه الصورة الجميلة إلى إسحاق. ومن المؤكد أننا عندما نلتقي بعريسنا المجيد، سوف نتحقق فيه عظمة وجلالاً لهما رهبة تجعلنا نتقدَّم إلى محضـره – له المجد – في روح رفقة؛ روح التواضع الحقيقي.

ف. و. جرانت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net