الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 25 أغسطس 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إكرام في بيتِ عنيا
«فِي بَيتِ عَنيَا ... تقَدَّمَت إِلَيهِ امرَأَةٌ معَهَا قَارُورَةُ طِيبٍ كَثِيرِ الثمَنِ، فَسَكبَتهُ على رَأسِهِ» ( متى 26: 6 ، 7)
يجب أن نُمَيِّز بين هذه الحادثة وحادثة أخرى انفرد بذكرها لوقا البشير في أصحاح 7. فحادثة لوقا 7 كانت لامرأة معروفة في المدينة بخطاياها، وأما هنا فامرأة قديسة فاضلة. في لوقا 7 كانت الحادثة في الجليل، وأما هنا ففي اليهودية. حادثة لوقا 7 كانت في بيت سمعان الفريسـي، وأما هنا ففي بيت سمعان الأبرص. الأولى كانت في بداية خدمة المسيح، أما الحادثة المذكورة هنا ففي نهاية خدمته. الحادثة في لوقا 7 أظهرت نعمة المسيح من نحو النفوس البائسة، وأما الحادثة هنا فكانت من واحدة عرفت مجد المسيح وأرادت إكرامه.

وفي الحقيقة ما أقل ما أُكرِم المسيح في حياته هنا على الأرض! لقد أُكرِم في بداية حياته من حكماء المشرق، لمَّا كان في بيت لحم (مت 2)، وفي نهاية حياته أُكرِم في بيت عنيا، كما نرى هنا. وأما على طول الطريق المُمتدة من بيت لحم إلى بيت عنيا فما أقل الابتسامات التي صادفت سيدنا المعبود، رجل الأوجاع ومُختَبِر الحَزَن، وهو يجتاز هذا العالم الذي وُضع في الشرير! وما أكثر الجروح التي جُرح بها في بيت أحبائه!

في متى 2 كان السجود له من الأُمم المحتَقرين من اليهود، أمَّا اليهود أنفسهم فإنهم لم يُقَدِّروا مسيحهم وَمُخَلِّصهم، كما حاول هيرودس الملك قتله، وهنا في أصحاح 26 نجد السجود من امرأة، وهي أيضًا محتقرة في نظر الفريسيين المتكبرين، بينما قادة الأُمة، بمساعدة يهوذا التلميذ الخائن، يحبكون المؤامرة الأخيرة التي ستنتهي بقتله!

وبين القلوب التي عرفت قيمة شخصه، لا نجد قلبًا نظير قلب مريم في محبته للسيد؛ محبة قادتها في هذه اللحظة للقيام بعمل تخطى مغزاه ذكاءها. كانت كراهية اليهود للرب يسوع تتزايد على نحو مُضْطَرِد، مما أشعل في قلب مريم محبة مُلتهبة نحوه. كما ألزمها الاحتقار الذي لَحق بالرب، والذي كان مزمعًا أن يصل لأقصـى مداه، لأن تُعَبِّر له عن الاحترام الذي تحملهُ له. التلاميذ أنفسهم، لم يفهموا ما فعلته مريم هنا، لكن الرب وحده أمكنه أن يفهمه وَيُقَدِّره. ولقد عَبَّرَت مريم بفعلها الصامت هذا - ولو أنه أبلغ من أي كلام - عن حُبها للمسيح، وعن التقدير الذي تحمله للشخص الذي كان على وشك أن يموت ليفديها، ويفدي الكثيرين.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net