الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 26 سبتمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ثلاث أرامل
«فَقَبَّلَتْ عُرْفَةُ حَمَاتهَا، وأَمَّا رَاعُوثُ فلَصِقَت بِهَا» ( راعوث 1: 14 )
كانت ”نُعمِي“ الأرملة مع كنَّتيها الأرملتين أيضًا، في طريقهن للرجوع إلى أرض يهوذا. هل هو رجوع مُحزن؟ نعم. لكنَّه أيضًا رجوع مُبهج لمَن وصل إلى نهاية موارده، ووجَّه أفكاره وخطواته نحو الله. هكذا كان الأمر أيضًا مع الابن الأصغر الذي سافر إلى ”كورة بعيدة“، ولكن في مذلَّته تذكَّر مكان الوفرة والشبع ( را 1: 6 ؛ لو15: 17). هذا ما يُسمَّى في الكتاب المقدس: ”التغيير“ أو ”التحوُّل“.

ولقد تصـرفت ”عُرْفًة“ كمعنى اسمها ”رقبتها“، فأدارت ظهرها للبركة. لقد خرجت من بلاد موآب، ولكنها لم تدخل بيت لحم، وهي في هذا تُذكِّرنا بامرأة أخرى تعيسة هي امرأة لوط، التي خرجت من مدينة الهلاك سدوم، ولكنها لم تصل إلى الأمان. لقد أحسَّت عُرفة أنها من ناحية، ستعيش مع امرأة مُسِنَّة مغمومة، في وسط شعب غريب، له إله لا تعرفه؛ ومن الناحية الأخرى لو رجعت إلى بلادها ستجد وهي مع شعبها، الحنو والعطف من أولئك القريبين منها، علاوة على ارتباطها بالأصنام التي تتعبَّد لها، والأعياد التي تعوَّدت عليها. إنَّ دموعها التي ذرفتها وهي تودِّع حماتها، تذكِّرنا بالشاب الغني الذي مضـى حزينًا، لأنَّه فضَّل أمواله وغناه عن اتِّباع السيد ( مت 19: 22 ).

أمَّا رَاعُوث فقد حسبت كل شيء بعناية، وقدَّرت الكُلفة، وكان قرارها لا رجعة فيه، لأنَّها اختارت طريقها بالإيمان. وهي بالرغم من نصيحة نعمي السيئة، وقدوة عرفة الرديئة، وكل صوت في داخلها يدعوها لأن تترك نعمي، وترجع إلى بيت أُمها لتجد الراحة في بيت رجلها (ع8، 9)، فإن نداء الرب في داخلها كان أقوى من أي صوت آخر. والإيمان دعاها لمواصلة المسيرة رغم صعوبة الطريق. راعوث إذًا تُمثل الإصرار على اتِّباع الرب مهما كلَّف الأمر، أو بالحري ”الثبات في الرب بعزم القلب“ ( أع 11: 23 ). لقد التصقَت بنعمي، لكن فوق الكل التصقت بشعب نعمي، وإله نعمي. وهكذا بدون أن تلتفت إلى الوراء، أو تسمح للأفكار أن تزعجها من جهة المستقبل، ذهبت مع حماتها حتى دخلتا ”بيت لحم“، المكان الذي يعني ”بيت الخبز“، أو مكان الشبع.

إذًا فنحن في هؤلاء النسوة الثلاث يمكننا أن نرى أولاً: قديسة مُرتدة في طريق العودة إلى المكان الصحيح (نُعمِي)؛ وشاهدة لنعمة الله ميَّزها الإيمان والتكريس (رَاعُوث)؛ ومجرَّد مُعترفة لها اعتراف حسن، لكنه فارغ، لا يمكن أن يفيد صاحبه (عُرْفة).

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net