الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 27 سبتمبر 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إنكار بطرس
«فَتذَكَّرَ بُطرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ ... فَخرَجَ إِلَى خارِجٍ وبَكَى بُكَاءً مُرًّا» ( متى 26: 75 )
وقف بطرس أثناء محاكمة المسيح في باحة بيت رئيس الكهنة يراقبُ من بعيد ما يجري. كان حائرًا وقلقًا، لا يعرف ماذا يعمل. ربما كانت عندَه الرغبةُ في أن يخرجَ الى الشارع، لأنه لم تكن له الجرأة أن يدخلَ قاعةَ الجلسة مع يوحنا. مسكينٌ بطرس! إنه كان في فخ. ودون أن يعلَم كانت عينُ الجارية تتفرّسُ فيه. أخيرًا، دلف بطرس إلى تلك الجماعة التي كانت حولَ النار، واندمج بينهم ليستدفئ. وكانت تلك الجماعة خليطًا غيرَ متجانس من أصناف الناس، فلم يشعر أحدٌ بحضوره، وحشـر بطرس نفسَه فيهم كأنه واحدٌ منهم. كان بطرس يعمل حسابًا كبيرًا للخطر الجسدي الذي يتعرَّضُ له لو كُشف أمرُه، ولم يكن يعمل أقلَّ حسابٍ للخطر الروحي. ومن المُحتمل أنه عندما كان بطرس حول النار، كانت أصداءُ التقريعات والاستهزاءات بيسوعَ المسيح تتردَّد في الهواء، وبطرس يظلُّ صامتًا! وعدمُ الاعترافِ بالمسيح هو دائمًا الخطوةُ الأولى التي تليها خطوةُ إنكارِه. وجاءت الجارية، وحاولت أن تمزّق القناع عن وجهه، ولكنه تمسَّك به بكل ما فيه من قوة. الحق أن بطرس أنكرَ سيدَه بالفعل قبل أن ينكرَه بالكلام. وتوالى نكرانـُه بينما كانت العواطفُ فيه تصطرع والمشاعر منه تغتلي، وحاولَ أن يخفي كلَ هذا بأن يشترك معهم في الحديث ليُبددَ الشكوك، ولكن لغتـَه خانته، فطار صوابـُه، واندفع يرُّدُ عن نفسه باللعن والحلف.

وبينما بطرس ينكرُ ويلعن، صاح الديك، والتفت الربُ، ونظر إلى بطرس، وفي نفس اللحظة التفت بطرس وتلاقت النظرتان. أمَّا يسوع فلم يتكلَّم بشـيء، ولم يَقُل حرفًا واحدًا، لأن أيةَ كلمة أو بادرة تبدو منه نحو بطرس معناها افتضاحُ أمرِه. لكن في لحظةٍ سريعة تلاقت العيون. وقد تكونُ النظرةُ أبلغُ من مجلداتٍ تحوي كلَ المنطق، وقد تقولُ النظرةُ ما لا تستطيعُ الشفاهُ أن تعبـّرَ عنه. ونظرةُ يسوع أعادت بطرس إلى صوابه، وفي الوقت نفسه كانت مرآةً صافية رأى فيها نفسَه. ها هو ينكرُ المسيح في وقت الشدة ويجرحُ قلبـَه الكسير. في نظرة يسوع أيضًا وجد بطرس ذلك الحنان الذي يطغى على كل لونٍ آخر في تلك النظرة، ووجد حُبًا لا يـُنطَق به. لقد رأى الآن أيَ سَيِّدٍ قد أنكر، فبكى بقلبٍ مُنكسـر. إن خطايانا لا تجعلُنا نبكي، بل نحن نبكي عندما نتفكّرُ في أي مُخلِّصٍ ذاك الذي أخطأنا إليه. يا ليتنا نتعلَّم درسًا ثمينًا ممَّا تعلَّمَهُ بطرس.

برنامج كل الكتاب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net