إن وجود هذا الإنسان عند بركة “بَيْتُ حِسْدَا” ذات الأروقة الخمسة - وعدد خمسة يرمز إلى المسؤولية والوجود تحت الناموس أو التقيّد بشرط للحصول على أية بركة - نقول وجود هذا الإنسان في تلك الأروقة مدة 38 سنة مريضًا لعجزه عن تتميم شرط إلقاء نفسه في البركة عقب تحريك الملاك الماء، إنما يرينا صورة لعجز الإنسان الساقط عن الحصول على خلاص نفسه بقدراته وإمكانياته أو أعماله أو استحقاقه عن طريق تتميم شروط الناموس.
ولقد مر على ذلك الإنسان 1976 سبتًا (38 × 52 أسبوعًا). وكلمة سبت معناها راحة، ولكنه لم يجد في سبت واحد منها راحته. ومر على ذلك الإنسان 266 عيدًا (38 × 7 أعياد سنوية) والعيد معناه الفرح، ولكنه لم يجد في عيد واحد منها ما يوصل إلى قلبه الفرح، وظل طوال الثمانية والثلاثين سنة متعبًا محزونًا.
وأخيرًا جاءه المسيح ورأى أشواقه للراحة والفرح وسمع منه إقرارًا بعجزه التام عن البلوغ إليهما، فأعطاهما إياه مجانًا. نعمة وإحسانًا منه. معلنًا بذلك أنه «مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللَّهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ (أي لأجل إنهاء مشكلتها مع الله ومعنا)، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ» ( رو 8: 3 )، ومُعلنًا أيضًا أن «النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا» ( يو 1: 17 ). ومُعلنًا أن سبوت الراحة وأعياد الفرح لم تكن إلا طقوسًا ترمز إلى شخصه الكريم الذي فيه يجد كل مَنْ يُقبل إليه راحة نفسه كوعده القائل: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» ( مت 11: 28 )، والذي يجد فيه كل مَنْ يؤمن به كل الفرح والابتهاج كقول الرسول بطرس: «الَّذِي وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ. ذَلِكَ وَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ لَكِنْ تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ» ( 1بط 1: 8 ).