الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 6 ديسمبر 2020 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مزقوا ولم يكفوا
«عَلَى ظَهْرِي حَرَثَ الْحُرَّاثُ. طَوَّلُوا أَتْلاَمَهُمْ» ( مزمور 129: 3 )
قَبْل أن يُسَلَّم المسيح للصلب، أمر بيلاطس بجلده. وكان يُستخدم في عملية الجلد آلة ذات مقبض خشبي، يخرج منه عدة أفرع من الجلد، تحتوي على قطع معدنية حادة، أو عظم. كان يقوم بعملية الجلد البربرية اثنان من الجنود، يتبادلان فيها عملية الجلد، وبعد أن يتم ربط المتهم، كان الجنديان يهويان على ظهره بكل قوتهما، حتى يتهرأ الجلد، ويتمزق الجسم، ويتطاير اللحم، وينزف الدم. وكثيرًا ما كانت هذه العملية تُفضـي إلى موت المجلود بسبب هول الآلام الناتجة عنها. ولقد أشار المسيح إليها في حديثه مع تلاميذه: «ابْنُ الإِنْسَانِ ... يُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ ... يَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ» ( مت 20: 18 ، 19). بل إن نبوات العهد القديم أشارت أيضًا إلى عملية الجلد القاسية، فنقرأ في مزمور 35: 15 «مَزَّقُوا وَلَمْ يَكُفُّوا»؛ وفي مزمور129: 3، وبلسان المسيح يرد القول: «عَلَى ظَهْرِي حَرَثَ الْحُرَّاثُ. طَوَّلُوا أَتْلاَمَهُمْ». والأرجح أن المسيح أمكنه تحمل تلك الجلدات القاسيات، نظرًا لاتحاد لاهوته بناسوته. اللاهوت جعله يحتمل بلا حدود، والناسوت جعله يشعر بكل ما قاسى.

وبعد أن تمت عملية الجلد، أَسْلَمَهُ بِيلاَطُسُ لِيُصْلَبَ. لقد ظن أنه من الحكمة والمصلحة أن يقضـي على المسيح بالصلب، وأن يضحى بكل المبادئ والقيم، ويتجاهل تمامًا صوت الضمير. لكن أَ حقًا كانت مصلحة بيلاطس أن يحكم على المسيح بالصلب؟ ولماذا؟ أَ لكي يرضي الإمبراطور؟ أَ لكي يحتفظ بمنصبه واليًا على اليهودية؟ أَ تستحق هذه الأشياء تلك التضحية الكبرى؟ على أية حال يخبرنا التاريخ أنه خلال سنوات قليلة من صلب المسيح عُزل بِيلاَطُس من منصبه ونُفي، وأنه تبع يهوذا الخائن في إهلاك نفسه إذ انتحر، فخسر الكل، دنياه وأبديته. خسر نفسه بعد أن خسـر ربه. إنه واحد من الذين تنطبق عليهم كلمات الكتاب المقدس الأسيفة «أَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللَّهِ» ( يو 12: 43 ).

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net