الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 28 فبراير 2020 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يداهُ العطوفتان
«هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيّ» ( يوحنا 20: 27 )
لما كان ربنا المحبوب هنا على الأرض، كثيرًا ما خدم بيديه حاجات الناس، بيديه كسر الأرغفة والسمك للجياع، وبيديه صنع الطين وطلى به عيني الأعمى، بيديه لمس الأبرص، وبيديه أمسك بيد صبية ماتت وأقامها. وقال مرة لتوما: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ (أي ليرى آثار جروح المسامير في هاتين اليدين الطاهرتين)». وفي يوم عتيد سوف نرى هاتين اليدين وآثار المسامير وجروح الصليب فيهما، وسوف نتعبّد له من أجل أشياء كثيرة، وبصفة خاصة من أجل هاتين اليدين.

قيل مرة أن فتاة صغيرة كانت أمها جميلة الوجه جدًا، غير أن يديها كانتا مشوَّهتين لدرجة بشعة جدًا. وكانت الفتاة الصغيرة تتحاشى أن تتكلَّم عن يدي أمها المشوَّهتين، ولا تدري سبب التشويه فيهما، إلى أن جاء وقت أرادت أن تطفئ حب الاستطلاع عندها فقالت: “أماه لماذا لك وجه من أجمل ما رأت عيناي، أما يداك فليس لهما هذا الجمال؟!” فأجابت أمها في حب عميق: “يا حبيبتي الغالية لما كنتِ طفلة رضيعة شبّت النار في منزلنا، وفجأة امتدت ألسنة اللهب في كل مكان. وتكاثف الدخان حتى كاد كل شيء يختفي، ولكني أسرعت إلى مكانك واختطفتك من وسط الدخان واللهب. باليد الواحدة حملتك، وباليد الأخرى خبأت وجهك حتى لا تؤذيك النيران، وقد أعانني الرب وخرجت بك إلى الشارع سالمة، أما يداي فقد أحرقتهما النار تمامًا”.

فتطلَّعت الفتاة إلى أمها بعينين غارقتين في الدموع وقالت بصوت متهدِّج: “أماه، لطالما أحببتك وأحببت النظر إلى وجهك الجميل وإلى عينيك الوديعتين وإلى ابتسامتك الرقيقة، ولكن الآن أحب أكثر ما أحب فيك يديك العطوفتين”.

إن ذاك الذي جاء من مجده في الجسد لأجلنا، يحمل الآن في يديه العطوفتين آثار محبته حين قدم نفسه على الصليب سنراهما وسنتعبَّد له حبًا إلى الأبد.

كولن سالتر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net