إنه أمر عجيب يجل عن الوصف، أنه من امتيازنا أن نخاطب الله الخالق العظيم المرتفع الذي لا تراه عيوننا الجسدية، نخاطبه قائلين: «إِلَهِي أَنْتَ».
في عرف البشر، الرؤساء والسلاطين، إدعاءً للعظمة، يُحافظون على مسافة شاسعة بينهم وبين عامة الناس، حتى أنهم يظلون مجهولين لأولئك.
ولكن الله وضع في قلب الإنسان معرفة وإدراكًا أنه ليس أقل من الله ذاته الذي يستطيع أن يُروي ظمأ وعطش قلوبهم. تحت الناموس جعل الله موسى وسيطًا، ولكن موسى لا يستطيع إرواء ذلك العطش، كما لا يستطيع ذلك هذا العدد الكبير من القادة الدينيين الذي يتبعهم البشر.
لكن الله، رغم كونه غير مرئي، إلا أنه أعلن ذاته في كماله، في شخص ابنه الحبيب الذي جاء إلى العالم ليُخلِّص الخطاة. وهو – تبارك اسمه – أخبر المرأة السامرية عند البئر: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً» ( يو 4: 10 ). كانت نفسها عطشى، وفي ذلك اليوم قَبِلت، من الرب يسوع، الماء الحي الذي أروى غليلها تمامًا.
ها هنا يوجد شخص يروي ظمأ هذه المرأة المسكينة الخاطئة، وهو اليوم على أتم الاستعداد ليفعل ذلك مع كل نفس تثق فيه.
ورغم أن – من الناحية الواحدة – المؤمن «لَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ» ( يو 4: 14 )، لأن الخلاص لن يُفقد، إلا أنه من الناحية الأخرى الاختبارية، فإن البرية تبعث على العطش، وساعتها لن يُروي ظمأ المؤمن سوى الله الحي. نعم نحن بحاجة له؛ بحاجة أن نكون في شركة مستمرة مع الرب يسوع مُروي العطش والعطاش.