الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 11 يونيو 2020 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
فاعل أم مفعول به؟
«أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ» (دانيآل1: 8)
كثيرون يعيشون في وضع “المفعول به”؛ يستسهلونه ويعتبرونه طبيعيًا. فتجدهم تابعين لغيرهم، يحاكونهم شاعرين بالأمان في ذلك. تجدهم قانعين بدور “التابع” للآخرين، فيفعلون ما يفعله الآخرون، لا لسبب أو لقناعة معيَّنة، بل لمجرد أن الآخرين يفعلونه.

ومن الطبيعي أننا في أحوال كثيرة نكون “مفعولاً به” عندما لا تكون الأمور نابعة من قرارنا. ففي اختيار أسمائنا وأماكن سكننا و... نحن كذلك. لكن عندما يكون الأمر متعلقًا باختياراتنا وقراراتنا؛ فالله يريد كل منا أن يكون “فاعلاً”، فقد خلقنا لأعمال صالحة ( أفسس 2: 10 ).

ودانيآل مثال رائع لذلك. إنه لم يختَر اسمه، ولا أن يذهب إلى السبي، ولا طلب أن يكون في قصر الملك. لقد كان في كل ما سبق “مفعولاً به”. لكنه هناك؛ في بابل منبع شرور العالم ورمز كل ما هو بغيض، وتحت سلطة حاكم شرير مستبد، بدون دعم من أسرة ولا معونة من مرشد روحي ولا قدوة من أحد. بالرغم من كل هذا، قرَّر أن يكون “فاعلاً”. لقد رفض أن “يتأثر” بالأغلبية، فنقرأ عنه القول الشهير «أما دانيآل» (دانيآل1: 8). وللحرف “أما” معناه العميق. إنه يعني أنه رغم أن كل من في وضعه رضخ، راغبًا أو مرغَمًا، لأطايب الملك وخمر مشروبه؛ إلا أن دانيآل لم يتأثر بقرارهم، بل جعل في قلبه ألا يتنجس.

وهذا الذي رفض أن يتأثر بخطإ الآخرين حتى لو كانوا الأغلبية، ليس من الغريب أنْ صار مؤثِّرًا. لقد كان وحده في البداية، لكن سرعان ما بان تأثيره في ثلاثة آخرين فأصبحوا أربعة أبطال. ثم لقد أثر فيمن حوله، حتى الملوك أنفسهم تغيَّر موقفهم من إله دانيآل ورفقائه تأثّرًا بمواقفهم. بل لا أبالغ أن قلت إن دانيآل أثَّر في التاريخ كله بنبواته.

ماذا لو كان دانيآل خضع للأغلبية ورضى بوضع “المفعول به”، هل كنا سنسمع عنه أم كان سيمضي كباقي من مضوا دون أن يبقى لهم ذكر؟ فماذا عني وعنك؟!

عصام خليل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net