نقول الحق عندما نقول إننا لا نقرأ الكتاب المقدس باشتياق قلبي كافٍ، وبشغف تقوي تفيض به قلوبنا. إننا نقرأ كلمة الله كما لو كنا نريد أن نعرف نصوصًا لكلمات وعبارات وتراكيب. وإن كنا لا ندخل مع الله في شركة أعمق، ونصل إلى قرب أوثق بالقلب والضمير، عن طريق الكلمة، فإننا مهما قرأنا لا نكون قد جنينا الفائدة المقصودة من إعطائنا الكتاب المقدس.
لنعلم أنه من القلب وليس من الرأس يفيض الكلام الصالح. وما يعوزنا هو أن نُقدِّر المسيح. نُقدِّر شخصه الكريم، ونُعلي اسمه وما عمله من أجل الخطاة المساكين. تُعوزنا أنَّات ونبضات القلوب المكتفية به. كما يُعوزنا سلام الضمير المستريح راحة كاملة أبدية على كفايته.
أمَا قرأنا عبارة كهذه: «ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا»؟ ( لو 22: 45 ). إنهم كانوا في عواطفه وموضوع مشغوليته، أما هو فلم يكن موضوع مشغوليتهم. إنهم لم يقدروا أن يسهروا معه ساعة واحدة. والحال هكذا في هذه الأيام «هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ» ( عب 7: 25 )، فهل نحن «فِي كُلِّ حِينٍ» نُحبه ونخدمه؟
لنعلم أن قوتنا وقدرتنا على جذب الآخرين إلى الرب ترتكز أساسًا على فرحنا وشركتنا العميقة معه. لذلك نخشى أن تكون “معارفنا” و“معلوماتنا” عن أمور الرب، أكثر بكثير من تعرُّف النفس الحقيقي بالرب نفسه. قد أقرأ عن المسيح، وقد أتكلَّم عن المسيح، وقد أكتب عن المسيح، أكثر مما يقرأ أو يتكلَّم أو يكتب الآخرون، ولكن قد يكون نمو هؤلاء في النعمة والفهم الروحي ومعرفة ابن الله أكثر تقدمًا وظهورًا. فأن تعجب بحياة المسيح شيء، وأن تتعلق نفسك به شيء آخر. أن تتكلَّم عنه حسنًا شيء، وأن تُضحي كل شيء من أجله شيء آخر.