الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 23 نوفمبر 2021 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الخيمة
«بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ ... فِي خِيَامٍ» ( عبرانيين 11: 9 )
قضى إبراهيم كل المائة عام الأخيرة من عمره مُتنقلاً هنا وهنالك في خيمة بسيطة. وقد كانت تلك الخيمة أحسن رمز يُشير إلى وجهة نظره في الحياة. لقد عاش بالانفصال عن سكان الأرض. صحيح أنه عاش بينهم، ولكنه لم يَعِش كواحد منهم. فلم يتعوَّد ارتياد مجالسهم، كما اتخذ كل الحيطة لعدم التزاوج منهم ( تك 24: 3 )، ولم يقبل من الكنعانيين «لاَ خَيْطاً وَلاَ شِرَاكَ نَعْلٍ» ( تك 14: 23 )، بل أصرَّ على دفع الثمن كاملاً عن كل ما يأخذ منهم ( تك 23: 13 ). وإذ نراه متنقلاً بخيمته التي بسهوله يشدها، وبسهولة يطويها، نستطيع أن ندرك أن الخيمة كانت رمزًا لحياته؛ حياة الغربة.

ولعل التجربة قد داهمته مرارًا للرجوع إلى حاران حيث يستطيع أن يجد مقرًا ثابتًا، وأن يكون مُحاطًا بأهله وعشيرته، وقد كانت لديه فرص للرجوع ( عب 11: 15 )، ولكنه بصفة قاطعة فضَّل حياة الغربة في كنعان عن وطنه الثابت في حاران، ولهذا السبب استمر عائشًا في خيمة. ومن الخيمة حُمِلَ على الأعناق ليرقد في مغارة المكفيلة بجوار سارة. ولماذا؟ الإجابة: «بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ (إِبْرَاهِيمُ) فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِنًا فِي خِيَامٍ ... لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ» ( عب 11: 9 ، 10). هذا حق، فحياة الخيمة، هي الحياة الطبيعية لأولئك الذين يشعرون أن وطنهم في السماء.

إنه أمر ذو أهمية قصوى أن يعيش أبناء الله هذه الحياة المنفصلة كشهادة للعالم. كيف سيُصدّقنا العالم عندما نتحدث عن رجائنا، إن لم يفطمنا هذا الرجاء عن الشغف الزائد بالأشياء المُحيطة بنا؟ وإن كانوا يرون أننا لا نقِّل عنهم في الانهماك بالأمور العالمية الزائلة، والتلذذ بالمسرات والشهوات الجسدية الزائفة؟ أ لن يبدأوا في التشكك ما إذا كانت دعوتنا حقيقية، أو ما إذا كانت هنالك حقيقة مدينة باقية في العالم الآتي؟

ف. ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net