سفر الجامعة 4: 9-12 يُوضح لنا، وبأسلوب شيق بعض الملامح الحيوية للشركة الأخوية المسيحية:
أولاً: التعضيد: «اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ ... لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ» (ع10): إنني أتذكر جيدًا حادثة كانت قد وقعت لي في صباي عندما كنت مُخيّمًا في غابة مع بعض الأصحاب، وكنا ملتفين حول نار للتدفئة. وبدأنا في اللعب والقفز فوق النار لنرى مَن سيقع فيها! فوقعت أنا فيها، وأسرع أخي بجذبي منها بحركة سريعة مُنقذًا حياتي، فعلمني الدرس الأول عن الإخوة. والشركة المسيحية تحوي أكثر من مجرد الكلام عنها، بل تعني تعضيد بعضنا البعض في الأوقات العصيبة.
ثانيًا: الدفء: «أَيْضًا إِنِ اضْطَجَعَ اثْنَانِ يَكُونُ لَهُمَا دِفْءٌ، أَمَّا الْوَحْدُ فَكَيْفَ يَدْفَأُ؟» (ع11): يا لروعة دفء الشركة المسيحية، في وسط عالم بارد ليس له شعور. لقد كتب الرسول بولس الشيخ، من زنزانته في سجن روما، مُتذكّرًا دفء مشاعر صديقه “أُنِيسِيفُورُس” قائلاً: «مِرَاراً كَثِيرَةً أَرَاحَنِي وَلَمْ يَخْجَلْ بِسِلْسِلَتِي، بَلْ لَمَّا كَانَ فِي رُومِيَةَ، طَلَبَنِي بِأَوْفَرِ اجْتِهَادٍ فَوَجَدَنِي» ( 2تي 1: 16 ، 17).
ثالثًا: الحماية: «وَإِنْ غَلَبَ أَحَدٌ عَلَى الْوَاحِدِ يَقِفُ مُقَابِلَهُ الاِثْنَانِ» (ع12): لنا كمسيحيين عدو قوي يسعى لأن يغلبنا، لكن الكتاب يُذكّرنا مرارًا بالمصادر التي لنا، لنستخدمها ضد ذلك العدو، وبكل تأكيد واحدة من تلك المصادر هي الشركة المسيحية.
ولكن هذا الجزء من جامعة 4 ينتهي بملحوظة رائعة: «وَالْخَيْطُ الْمَثْلُوثُ لاَ يَنْقَطِعُ سَرِيعًا» (ع12)؛ أي أن أقوى تعضيد بشري ودفء المشاعر والشركة، يُعتبَر كلا شيء دون الشق الثالث، وهو الشركة مع الله المُثلث الأقانيم، التي تُعطينا كمال الفرح ( 1يو 1: 3 ، 4).