واحدة من أشرس وأشر الهجمات على الرسول بولس هو تصوير المعلمين الكذبة له بأنه كان واقعًا تحت غضب الله، نظرًا للشوكة التي كانت في جسده؛ مما يُذكرنا بالموقف الذي اتخذه أصحاب أيوب مع صاحبهم، نتيجة هجمة الشيطان الشرسة عليه. فاضطر بولس هنا أن يشرح الظروف التي أدت إلى أن يُعطي الرب له هذه الشوكة. وعندما اضطر بولس للحديث عن ظروف إعطاء الرب الشوكة في جسده، ذكر حادثة حدثت معه قبل أربع عشـرة سنة، ولم يكن قد قالها لأحد، مع أن هذه الحادثة لو حدثت مع شخص آخر، لنادى بها من فوق السطوح، ولصوَّت بالبوق مُعلنًا عنها (قارن مع 1صموئيل 17: 34-37).
وهو لا يذكر اسمه ولا حتى وظيفته كرسول، بل فقط “إِنْسَانٌ فِي الْمَسِيحِ”. هو شخص “خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ” ( 2كو 5: 17 ). مركزه أمام الله هو مركز المسيح نفسه، ويشغله في السماء من الآن “بالإيمان”.
بالنسبة لبولس فقد وجد نفسه مُختطفًا إلى هناك في لحظات لا تُنسـى. وهناك، في الفردوس، رأى المسيح المُقام والمُمجَّد. وهناك سمع لغة السماء التي لا يُمكن أن تُترجم إلى لغات البشر. يا لها من كرامة فائقة! لكن هذا الاختبار الفريد كان يعني خطرًا حقيقيًا على بولس. ولكي يُحفظ من الافتخار بنفسه أُعطي «شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ». من هذا نتعلَّم أن السماء الثالثة نفسها لا تُغيِّر الطبيعة الساقطة، وأن الكبرياء مرض دفين في الإنسان لم يتخلَّص منه أعظم القديسين، وأن الادعاء بنزع الطبيعة القديمة من الإنسان هو محض إدعاء. ولهذا يضطر أحيانًا الله لإعطائنا شوكة في الجسد.