الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 4 إبريل 2021 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أظلمَت الشمس
«كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا ... وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ» ( لوقا 23: 44 ، 45)
سبقت هذه الظلمة ثلاث ساعات ازدحم فيها مشهد الجلجثة بأحداث كثيرة. فالمصلوب الكريم نفسه كان يعي باهتمام ما يدور حوله. لقد شفع في المذنبين إليه، ورنت شفاعته في أسماع الجميع. وأنصت باهتمام إلى صرخة لص مصلوب معه يرجو الرحمة قبل أن يلفظ النفس الأخير، وأجاب الطلبة بجواب قاطع، يؤكد لهذا اللص خلاصه. ثم يلمح أمه بين جموع الواقفين وإلى جانبها يوحنا فيوصيه بها خيرًا، وصية الوداع. وكان العسكر ينظرون ويهزأون ويقتسمون ثيابه ويقترعون على قميصه المنسوج بغير خياطة. وجموع الحاقدين من كهنة وحاكمين وحثالات من سكان أورشليم، يمرون أمام الصليب، ويُنغضون الرأس، ويُعيّرون حَمَل الله الذي سيق إلى الذبح، ولم يفتح فاه. وحمأة الإثم قذفت ما فيها أفواجًا وأمواجًا، تضرب وتصخب حول هذا المصلوب!

وفجأة في الظهر تمامًا إذا بالصمت يسود، وتزحف الظلمة. ويقول الكتاب «فَكَانَتْ ظُلْمَةٌ»، ولا يزيد حرفًا. ويستمر الصمت ثلاث ساعات، ولا نسمع شيئًا، ولا نقرأ شيئًا. وَيُتْرَك القارئ ليحس وحشة السكون، وظلام المشهد الحزين! وكتبة البشائر لا يقولون شيئًا خلال هذه الساعات، ولم يُسجلوا فيها سوى كلمة “ظُلْمَةٌ”. ومن أي نوع كانت تلك الحادثة؟ إنها لمعجزة؛ إنها تدخل إلهي، لأنه ما من أحد غير الله يستطيع أن يعترض سير القوانين الطبيعية التي تضبط الخليقة. إذًا فهو الذي تقدَّم متميّزًا عن الكون والخليقة، وظهر في المشهد «وَضَبَابٌ (ظلمة) تَحْتَ رِجْلَيْهِ» ( مز 18: 9 ).

عندما قال الرب يسوع لليهود إنه جاء ليُخلّصهم من خطاياهم، عثروا فيه. ولما قال عن نفسه إنه “ابن الله”، رفعوا حجارة ليرجموه ( يو 8: 59 ؛ 10: 31). لقد طلبوا منه آية من السماء ليؤمنوا به. والآن تأتي إليهم الإجابة لكن في حسرة، وفي حيرة. لقد أعطت السماء آية، وكل الكون أحنى الرأس خشوعًا وإجلالاً لمصلوب الجلجثة.

ر. نيكلسون
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net