يُحدثنا سفر الأعمال عن صوتين عظيمين: الأول نسمعه في أعمال 16: 28 عندما اهتزت أساسات السجن، وظن الحارس أن المسجونين قد هربوا، فاستل سيفه ناويًا أن يقتل نفسه «فَنَادَى بُولُسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: لاَ تَفْعَلْ بِنَفْسِكَ شَيْئاً رَدِيًّا!». هذا هو صوت المؤمن المُحبّ الذي يُنادي للخطاة المساكين الذين ينتحرون، الذين يُقال عنهم: «مَنْ يُخْطِئُ عَنِّي يَضُرُّ نَفْسَهُ. كُلُّ مُبْغِضِيَّ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ» ( أم 8: 36 ).
لقد نادى الرسول بولس بصوتٍ عظيمٍ سجان فيلبي أن لا يفعل بنفسه شيئًا رديًا. فهل يا تُرى نفعل نحن نفس الأمر؟ هل نُنادي الخطاة بصوت عظيم، كما قال الرب لإشعياء: «نَادِ بِصَوْتٍ عَالٍ. لاَ تُمْسِكْ. ارْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوقٍ وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ» ( إش 58: 1 )؟ هل نرفع صلواتنا لأجل الخطاة المساكين؟ وإذا كان القارئ لا يزال في الخطية، وهي تفعل به أمورًا رديئة، فاعلم - أيها العزيز - أن الرب يُنادي عليك بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «لاَ تَفْعَلْ بِنَفْسِكَ شَيْئاً رَدِيًّا!»؛ لا ترمِ بنفسك في جهنم.
لكن هناك صوتًا عظيمًا آخر يُذكَر في أعمال 26: 24. فعندما كان الرسول بولس يَحْتَجُّ أمام الملك أغريباس «قَالَ فَسْتُوسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: أَنْتَ تَهْذِي يَا بُولُسُ! الْكُتُبُ الْكَثِيرَةُ تُحَوِّلُكَ إِلَى الْهَذَيَانِ». هذا الكلام بصوتٍ عظيمٍ هو صوت الاستهزاء.
في أعمال 16 يُنادي الرسول بولس بِصَوْتٍ عَظِيمٍ للخطاة، حتى لا يُهلكوا أنفسهم بأنفسهم، وهذا هو صوت المحبة للخطاة؛ صوت الله المُحبّ. أما في أعمال 26 فنرى صوت الإنسان المستهزئ؛ الخاطئ الذي يهزأ بالأمور الروحية، مثل فستوس الوالي الذي قال لبولس: «أَنْتَ تَهْذِي يَا بُولُسُ!»، وقال هذا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. فيا ليتك - ياعزيزي القارئ - تُقدِّر هذا قبل فوات الأوان.