العروس تُرى هنا جالسة «فِي الْجَنَّاتِ» ( نش 8: 13 )، فهي ليست بعد في البرية، ولكنها تهنأ بالامتيازات المباركة في جو الغبطة والابتهاج، وهناك يسمع الأصحاب صوتها «الأَصْحَابُ يَسْمَعُونَ صَوْتَكِ»، وكلمة الرب الأخيرة «أَسْمِعِينِي» لها أهميتها، فقد نكون متمتعين بغبطة الوجود «فِي الْجَنَّاتِ» في صفاء وسلام، وقد نتحدث كثيرًا إلى إخوتنا “الأَصْحَابُ” بكلام مفيد ونافع للبُنيان، ولكن هل نحن نُعنى بالكلام مع الحبيب وبالتحدث إليه شخصيًا؟
هذه هي آخر كلمة يوجهها هو إلى العروس في هذا السفر «فَأَسْمِعِينِي» ليُذكّرها ويُذكّرنا بأنه وإن كان الكلام مع الأَصْحَاب حسنًا، إلا أن الكلام معه أحسن وألزم بما لا يُقاس.
وهوذا هي تلبي نداءه وتُسمعه صوتها إذ تدعوه قائلة: «اُهْرُبْ (أو أسرع Haste) يَا حَبِيبِي»، فهو لا يزال غائبًا، وهي تشتاق إلى مجيئه. ولغة العروس هذه يوافقها تمامًا قول العهد الجديد «الرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَنِ: تَعَالَ» ( رؤ 22: 17 ). إنها تريد أن يأتي سريعًا لتراه «كَمَا هُوَ» ( 1يو 3: 2 )، ولكي تكون معه «كُلَّ حِينٍ» ( 1تس 4: 17 )، وإنه بمجيئه سيُلاشي عناء البرية الموحشة ومشقاتها.
نعم إن مجيئه سيُغيّر المشهد الحاضر المُلطَّخ بالخطية والمليء بالأشواك، وعندئذٍ ستملأ رائحة الأطياب، المنسكبة على قدميه، المسكونة بأسرها، وستكون الأرض عندئذٍ لمسرة خالقها، وسينتشر العبيق العَطِر من «جِبَالِ الأَطْيَابِ». هذا بلا ريب هو منظر المُلك الألفي البهيج الذي فيه سيكون لعروس الحَمَل أقرب مكان في قلب عريسها، وسيكون العريس المبارك مجد وإكليل ذلك العصر الذهبي السعيد.