الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 26 أغسطس 2021 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
فارقته قوته
«أَنَامَتْهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا ... وَابْتَدَأَتْ بِإِذْلاَلِهِ، وَفَارَقَتْهُ قُّوَتُهُ» ( قضاة 16: 19 )
وَعدَ أقطاب الفلسطينيين دليلة، بتقدمة من الفضة سخية، في مقابل أن تعرف سر قوة شمشون الخفية. وفي البداية لم يبح شمشون بالسر. لكن مع إلحاح دليلة المتواصل، بدأ شمشون يقترب أكثر فأكثر من الإفصاح بالسر. ففي محاورتها معه ذكر لها أولاً الرقم سبعة، ثم ذكر حبالاً جديدة، تذكّر بشعره الذي لم يُقص. ثم ذكر الشعر صراحة ( قض 16: 7 ، 11، 13). فإذا وضعنا إجاباته السابقة معًا، وحلَّلناها، نجده - كما يحدث عادة - يدور حول الحقيقة، وكاد أن ينطق بها: سبع - لم تُمس - خُصَل الشعر.

ولم يكتفِ البطل التعس أن يدور ويراوغ، بل إنه في النهاية، إذ ضاقت نفسه إلى الموت، فقد كشف لحبيبته الخائنة كل قلبه ( قض 16: 17 ). فدَعَت أقطاب الفلسطينيين لكي يحضروا ومعهم الفضة. فها أخيرًا آن الأوان لإتمام صفقة الخيانة، وتسليم شمشون إلى ذروة المهانة. ودخل شمشون البيت ليزور الخليلة الخائنة، ولم يكن يدري أن الحلاق هناك والأقطاب. وكل شيء جاهز للإجهاز على الغريم الذي طالما دوّخ الفلسطينيين!

وكان على دليلة أن تعمل على نوم شمشون، لأنها لن تستطيع أن تعمل معه أي شيء، حتى ينام. ويقول لنا الوحي المقدس: «أَنَامَتْهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا»، مكان التدليل ( إش 66: 12 )! ولا نعلم كيف أنامته؟ ربما أرخت الستائر لتشيع في المكان جوًا من الاسترخاء. ربما هدهدته لترتخي أعصابه. ربما غنّت له. على أي حال يعرف العالم جيدًا كيف يجعلنا ننام! وما أشد الخطر علينا إذ ذاك! قال الحكيم: «قَلِيلُ نَوْمٍ بَعْدُ قَلِيلُ نُعَاسٍ، وَطَيُّ الْيَدَيْنِ قَلِيلاً لِلرُّقُود، فَيَأْتِي فَقْرُكَ كَسَاعٍ وَعَوَزُكَ كَغَازٍ!» (أم6؛ 10، 11).

أيها المؤمن لا بديل عن القداسة. اطلبها كمَن يطلب قطرات المياه في البرية القاحلة، وكمَن سيموت عطشًا لو لم يحصل عليها.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net