الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 26 أكتوبر 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
جلسَ هكذا على البئر
«فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لِي طَعَامٌ لِآكُلَ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ». ( يوحنا 4: 32 )
إذا كانت رحلة الابن المُسرِف إلى بيت أبيه جميلة في ذاتها لأنها تتناسب مع حالته كخاطئ مذنب (لو15)، فأجمل منها رحلة ساكن حضن الآب إلى ضالته، بتلك النعمة الغنية الغافرة والمحبة الصابرة التي امتازت بها الرحلة من أولها لآخرها (يو4). جميل للغاية، أن نرى في الأولى من هاتين الرحلتين أثمار عمل الروح القدس، الذي يقود النفس إلى الله في الصورة اللائقة بقداسته، وجميل أيضًا أن نرى في الرحلة الثانية، تلك النعمة التي تعمل من نفسها، مُفتشة ومُخلِّصة بطريقة معدنها الصبر، وروحها المحبة والعواطف.

ويلذ لنا القول، بأن هاتين الرحلتين؛ رحلة المُخلِّص ورحلة الخاطئ التائب، ينتهيان عند نقطة واحدة، بالرغم من كونهما قد ابتدءا من نقطتين مختلفتين. فالواحدة إلى الكورة البعيدة، والأخرى من الكورة عينها. وكلاهما ينتهيان بالفرح والابتهاج في بيت الآب. «فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لِي طَعَامٌ لِآكُلَ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ»؛ كلمات توضح لنا فرح القلب الإلهي لنفس كانت ميتة فعاشت، وضالة فوُجِدت.

تمتاز رحلة ابن الآب بميزة جميلة، وهي أنه هو نفسه الذي أخذ يعد النفس الضالة ويُهيئها لتقبله، بينما في الأخرى نجد الأب من ذاته على استعداد تام لقبول ضالته. فالابن الضال وجد الأب منتظرًا قدومه خارج الباب، فالقلب والبيت كانا مفتوحين له، وقد فاق عطف الأب كل تصوراته، فبكل الحسابات الذي عمل في طريقه، لم يستطع أن يسبر غور تلك المحبة التي كانت تنتظره. أما محبوب الآب، فقد قام في رحلته بعمل يفوق ذلك جمالاً؛ لقد كان عليه أن يَعِدّ تلك النفس الضالة لقبوله. فنراه قد حمَل معه البركة إلى تلك الأرض البعيدة، وهناك كان عليه أن يُهيئ القلب لقبول هذه البركة، وقد تم له ذلك، بعد صبر طويل ونعمة فائقة، فجلس على البئر الحجري الوعر، وهكذا استطاع أن يُحوّل ذلك القلب إلى آنية أهلاً بأن يضع فيها ذلك الكنز الذي أحضره معه.

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net