الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 27 أكتوبر 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
موسى واختيار الإيمان
«مُفَضِّلاً بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ» ( عبرانيين 11: 25 )
كان اختيار موسى حاسمًا مثل رفضه «أَنْ يُدْعَى ابْنَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ» (ع24)، فقد كان اليهود في زمانه يُمثلون أقلية بين المصريين، وكان يُنظر إليهم كأجانب غير مرغوب فيهم، وكانوا يُعاملون بأشد صرامة، فصارت حياتهم مرة بسبب العبودية القاسية التي عوملوا بها من المصريين، كما كانوا يعملون في صنع الطوب، ويعملون في الحقول تحت أشعه الشمس اللافحة ( خر 1: 13 ، 14). ومع كون حالتهم وضيعة، وفي عبودية صارمة، فقد كان أولئك هم شعب اللّه. واختار موسى أن تلُقى قرعته مع هذا الشعب «مُفَضِّلاً بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ».

وفي مشهد هذا “الرفض” الملحوظ، وكذلك “الاختيار”، نسأل هنا ما هو مصدر أعماله هذه؟ يخبرنا الوحي كلمة واحدة: “الإيمان”. إذ بالإيمان رفض العالم، وبالإيمان اختار المذلة مع شعب اللّه، على الرغم من إملاء المشاعر الطبيعية، وبطريقة تبدو أنها تتناقض مع الذكاء الإنساني. كانت المشاعر الطبيعية تُلّح مُدَّعية صحتها، فتقول إن الواجب إزاء هذه المرأة “ابنة فرعون” التي أغدقت عليه وأنقذته من الغرق، وأمطرته بمعروفها هذا العمر حتى كبر، أن يظل موسى في القصر ذاكرًا فضلها عليه، ثم ينبري العقل والذكاء الإنساني مجادلاً: إنه من الحكمة أن يستخدم موسى إمكانياته الهائلة ومركزه العالي في رفع المعاناة عن إخوته الفقراء والمطحونين.

والإيمان يتطلّع إلى اللّه، عالمًا أن الحذر والمشاعر الطبيعية الصحيحة، والذكاء الإنساني قد يصبح لها ضرورة متى استُخدمت في الوضع الصحيح، ولكنها لا تصبح مُرشدًا صحيحًا، أو قائدًا للسلوك في طريق الإيمان. وإن كانت أعمال العناية تأتي بموسى إلى قصر الملك، فالإيمان يُخرِجه بعيدًا، وبالإيمان رفض أن يبقى في ارتباط مع أعظم شعب في العالم، ليختار الارتباط مع أذل الناس في الأرض.

هاملتون سميث
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net