نرى في حادثة المرأة نازفة الدم كيف يُميِّز الرب بين الإيمان الحقيقي، ومجرد الاعتراف الظاهري. ربما كان الذين يزحمونه مُخلصين لأنهم رأوا معجزاته وتمتعوا ببركاته، ولكن لم يكن لهم إحساس حقيقي بحاجتهم للمسيح، ولم يكن لهم إيمان شخصي به. وفي يومنا الحالي، مجرد الاعتراف الظاهري بالمسيح، لا يُخلِّص النفوس، ولن ينهي مشكلة الخطية والموت والدينونة، ولن يقضي على قوة الخطية أو يخلص من فساد الجسد. وللحصول على البركة الحقيقية يجب أن يكون هناك إيمان شخصي بالمسيح. ونجد هذا الإيمان واضحًا في المرأة نازفة الدم: أولاً: حيث يوجد الإيمان، فلا بد أن يكون هناك إحساس بالحاجة إلى مُخلِّص شخصي. ثانيًا: لم يكن عند هذه المرأة شعور بالحاجة فقط، ولكنها تحققت من عجزها التام، وفشل كل مجهوداتها الشخصية «قَدْ تَأَلَّمَتْ كَثِيرًا مِنْ أَطِبَّاءَ كَثِيرِينَ، وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئًا، بَلْ صَارَتْ إِلَى حَالٍ أَرْدَأَ». ثالثًا: الإيمان يُميِّز بعضًا من أمجاد المسيح. فقد رأت فيه النعمة والقدرة على سد كل احتياج، بل رأته أعظم من مشكلتها. رابعًا: الإيمان يجعل الإنسان متواضعًا ومنكسرًا. والنفس المحتاجة هي على استعداد أن تأخذ مركز الاتضاع وتعترف، وتقول الحق كله أمام الجميع. ولمسة الإيمان تُحصِّل البركة للشخص، وتجعله في اتصال مباشر مع ذلك الشخص العظيم والقدير.
ثم نرى كيف يشجع الرب الإيمان. فهو لم يكتفِ بأن تحصل المرأة على البركة والشفاء ثم تنصرف، بل أتى بها إلى حضرته، لكي تقول له الحق كله، وتخرج من أمامه ولها اليقين الكامل والسلام التام، بعد أن سمعت من فمه بكل وضوح هذه الكلمات: «يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ، اذْهَبِي بِسَلاَمٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ». وهذه هي النتيجة الحتمية عندما نأتي إلى محضره، ونكشف أنفسنا أمامه. فالمسألة لن تكون مجرد مشاعر قد تتغير فيعترينا الشك، بل يقين كلمته الثابتة.