هناك خمسة مزامير يبدأ كل منها بكلمة “طُوبَى” هي مزامير 1؛ 32؛ 41؛ 119؛ 128. المزمور الأول لا ينطبق إلا على المسيح، الذي يحدثنا عن الرجل، بالمفرد (ع1)، بينما يشير (ع4) إلى الأشرار بالجمع. ولكن هؤلاء الخطاة لهم تطويبة أخرى وردت في فاتحة المزمور 32: «طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ» (مز32). وتأتي التطويبة الثالثة لتوضح لنا كيفية الحصول على غفران الخطايا، والتمتع بكل البركات، وهي النظر إلى الرب يسوع المسيح، الذي هو المسكين الحقيقي «طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَِسْكِينِ» (مز41). وعندها، فإن ذلك الشخص المُتبرِّر بالإيمان، سيكون له السرور بشريعة الرب (مز119)، ولن تتوقف البركة عند حد هذا التقي وحده، بل ستمتد لتشمل كل عائلته أيضًا (مز128).
وكلمة “طُوبَى” تفيد السعادة والبركة. ويميل الإنسان أن يعكس الأشياء، فيتصوَّر أنَّ الوصول إلى السعادة هو عن طريق تحسين ظروفه أو زيادة دخله. لكن تعاسته عميقة في قلبه، فهو غير سعيد لأنَّه خاطئ. ولذلك فإنه في حاجة أن يبدأ بالتحوّل إلى الله، وأن يتَّقيه، ويسلك في طرقه (ع1)، وحينئذ يجد أنَّ السعادة تملأ كل جوانب حياته «التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ» ( قض 9: 12 ). والبركة للتقي في هذ المزمور مزدوجة، في امرأته وأولاده. فيقول: «امْرَأَتُكَ مِثْلُ كَرْمَةٍ مُثْمِرَةٍ فِي جَوَانِبِ بَيْتِكَ». ولأن الكرمة تُفَرِّح الله والناس (قض9: 12، 13)، فهذا التقي ـــــ حيثما تَطَلَّع ـــــ يجد في بيته ما يُدخل السرور إلى قلبه من امرأته الفاضلة. ثم يضيف المرنم قائلاً: «بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ». فهم في شركة معًا ومع أبيهم “حَوْلَ مَائِدَتِكَ”. وهم في البيت، وليسوا هاربين منه. ووصفهم بأنهم كغروس الزيتون، أي أنهم يُنْعِشون كالزيت، ويحملون شهادة مباركة للرب. فالتقي يكافئه الرب بزوجة سعيدة تجلب الفرح، وأولاد ناضرين يساهمون في الشهادة للرب.