الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 25 فبراير 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أتى إلى السامرة
«تَرَكَ الْيَهُودِيَّةَ ... فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ » ( يوحنا 4: 3 -5)
تعجبنا كلنا رحلة الابن المُسرف التي قام بها من الكورة البعيدة، أرض مذلته وتعاسته، متجهًا إلى بيت أبيه (لو15)، لأنها صورة مؤثرة لرجوع الخاطئ التائب تحت عمل وإرشاد الروح القدس إلى الله، فيجد فيه أبًا غفورًا. على أنه توجد في الإنجيل رحلة أخرى تختلف عن رحلة الابن المُسرف اختلافًا كُليًا، أو بالحري تتناسب معها تناسبًا تبادليًا محضًا. ونعني بها رحلة ذاك الذي أتى من حضن الآب، متجهًا إلى الكورة البعيدة، مفتشًا على ضالته (يوحنا4).

فالرب يسوع الذي أتى من السماء من عند الآب، مُعلنًا لنا قلب الآب في عالم الخطاة، هو الذي نراه قائمًا بتلك الرحلة الثانية. نراه يذهب إلى السامرة النجسة، التي هي صورة لهذا العالم المرفوض، إذ أنها كانت كالأبرص منفصلة انفصالاً كاملاً عن أرض البر والقداسة، ومُعتبرة كأنها شيء خارج المحلة. ومع ذلك فإلى هذه الأرض الملعونة ـــــ أرض الضالين المُسرفين ـــــ قد ذهب الرب يسوع مُفتشًا على امرأة خاطئة، وهي كأنها لم تَزَل مع الخنازير في حقل رجل غريب، مشتهية أن تأكل من الخرنوب، ولكن لا تجد شيئًا لنفسها.

لقد كلَّفته تلك الرحلة الشيء الكثير، فقد تعب وجاع وعطش، وهكذا تحت حرارة الشمس المُحرقة، جلس ربنا يسوع في ذلك المكان الذي كانت مزمعة أن تأتي إليه تلك النفس الخاطئة، وهناك أمام حاجتها نراه ينسى حاجة نفسه كُلية، وأخذ يُكلّمها بذلك الصبر المتولد عن المحبة، وبتلك المهارة التي توحيها المحبة عينها. نراه أولاً يكتسب ثقتها بأحسن وألطف الطرق، يطلب منها كأس ماء بارد، الشيء الذي هو أبسط خدمة معروفة بين بني البشر، أراد أن يطمئن قلبها في حضرته، وهكذا كان، فهو قد أتى من السماء، مُفتشًا على نفس ضالة، وليطلب ويُخلص النفوس الهالكة، وهذا ما كان أمامه ليفعله في تلك اللحظة ... يا لروعة نعمتك يا سَيِّدي!

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net