إن شفاعة الرب في المؤمن دائمة، وحين يُصلي المؤمن، يكمِّل الرب ما نقص في صلاته، وحين لا يعلم ما يصلي لأجله، يحامي الرب عنه، ويشفع فيه بأنّأت وتضرعات. إن الرب يُسيّج حول المؤمن ليقيه من كل خطر غير منظور، وعند التأمل في ما قاله الرب لبطرس، يزداد المؤمن تعزية وتشجيعًا وثقة كاملة في الرب؛ قال الرب لسمعان بطرس: «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ!»؛ ولكني ... ولكن ماذا ...؟ هل قال له اذهب صلِ من أجل نفسك؟ لو أنه قال هذا لكانت نصيحة لها قيمتها لبطرس. هل قال له إني سأحفظك في ساعة الغربلة فلن تؤذيك؟ لو أنه قال هذا تكون بركة وفضل كبيرين من الرب. أم هل قال له: سأطلب لأجلك لكي لا يفنى إيمانك؟ إن الرب في حنانه ومحبته لم يَقُل كل هذا، ولكنه قال: «وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ»!
كم هي قليلة جدًا معلوماتنا عما يطلبه الرب من أجل كل مؤمن. وكم يكون باعثًا على السجود والتعبد، لذاك الذي يُحيط كل مؤمن بالعناية والرعاية، ويجعله موضوع مشغوليته الدائمة. إن الرب يحمل أسماء خاصته على صدره، وهو ينظر ليل نهار إلى الجروح التي في يديه من أجلهم. إن الرب يعرف أفكار الشيطان الشريرة ضد كل مؤمن، ويعرف تحركاته ضد خاصته، فيُفشِّل كل مؤامراته وتدبيراته وهي لا تزال برعمًا لم تنضج بعد. وقبل أن يبدأ الشيطان في تنفيذ مآربه ضد المؤمن، يُحيط الرب المؤمن بسياج من العناية الإلهية، التي يتخاذل أمامها الشيطان، فيرتد خائبًا فاشلاً. ولو أُتيح للمؤمن أن يرى قصته قبل أن يفارق هذا العالم، وكشف له الرب بنظرة إلى الوراء أيام سنيه الماضية التي عاشها على الأرض، لرأى ما يُذهله من التدبيرات والشرور والمؤامرات التي دبرها الشيطان، وكان يريد إيقاع المؤمن فيها، والرب أحبطها جميعها دون أن يعلم المؤمن بها.