لقد اعتدنا التفكير في الصلاة كواحدة من أفضل البركات، ولكن ما أندر أن نُفكر فيها كشيء يُجلِب السرور لقلب الله. إن مجلدات لا تُحصى قد كُتِبَت لتحث الإنسان على الصلاة بلا ملل ولا كلل، ولكن ما أقل ما كُتِبَ منها موُضحًا أن الصلاة عمل مُسرّ لقلب إله وأبي ربنا يسوع المسيح. لقد هتف المرنم قائلاً: «لِتَسْتَقِمْ صَلاَتِي كَالْبَخُورِ قُدَّامَكَ. لِيَكُنْ رَفْعُ يَدَيَّ كَذَبِيحَةٍ مَسَائِيَّةٍ» ( مز 141: 2 ). ومن الجلي أنه اشتاق أن تملأ صلاته قلب يهوه سرورًا. ولا بد أن هذا كان له أثر واضح في حياة الصلاة عند المُرنم. ويحسن بنا من وقت لآخر أن نفحص عاداتنا الشخصية في الصلاة، لنعرف ما إذا كنا نُعطي الله المجد اللائق باسمه في صلواتنا.
لعله يبدو لنا فكرًا غريبًا على السمع، أن صلواتنا مُشبِعة لقلب الله. صحيح أننا ألفنا التحريض: «لْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ» ( عب 4: 16 )، كما اعتدنا التفكير في الصلاة بوصفها طلبًا للأشياء الضرورية للجسد والنفس. ولكن نحن هنا بصدد مفهوم للصلاة يسمو بها عن نطاق الاحتياجات الضرورية، إلى دائرة الامتياز والبهجة.
لا شك أنه شرف عظيم أن تصعد صلواتنا أمام الله كالبخور العطر. وإنه لفكر عجيب للغاية أن يكون كل ما ننطق به من كلمات ضعيفة، قادرًا على إدخال السرور إلى قلب «الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ سَاكِنُ الأَبَدِ الْقُدُّوسُ اسْمُهُ» ( إش 57: 15 ). ولعلنا كنا نجد فرحًا أعظم في الصلاة لو كنا أكثر تنبهًا لإدراك السرور الذي تَجلبه تضرعاتنا إلى قلب الله. إن الله يبغي ثقتنا، ونحن نُكرمه عندما نثق بمواعيده، ونتكل عليه، تاركين كل النتائج في حياتنا، بين يديه القويتين.