الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 3 مارس 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود وخطيته
«لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ ... الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ» ( 2صموئيل 12: 10 ، 13)
عندما ننظر إلى تاريخ داود بإزاء قضية أوريا الحثي، ينكشف لنا مظهري النعمة والعدل الإلهيين بكيفية واضحة جلية. ففي ساعة تراخٍ سقط داود من رفعته المتناهية، واندفع بقوة الشهوة العمياء إلى تلك الحفرة العميقة المخيفة ـــــ حفرة الانحطاط الأدبي ـــــ وهناك صوَّب إليه الضمير سهام التبكيت، وأخرج من قلبه الكسير هذا الإقرار المؤلم: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ». وهل نعلم كيف قُوبل هذا الاعتراف؟ لقد نال بلا مراء عفوًا تامًا، وأجابت النعمة عليه بقولها: «الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ» ( 2صم 12: 13 ). هكذا كانت قوة النعمة المطلقة، فخطية داود غُفِرَت تمامًا، وليس في هذا ما يدعو إلى المناقشة أو التساؤل.

إلا أنه لم تكد نغمات النعمة اللطيفة تطرق آذان داود إلا ودَويّ عجلات العدل الإلهي يُسمَع على مدى. وما أن أوشكت يد الرحمة الناعمة الرقيقة تُزيل الذنب، حتى أُخرِج سيف العدل من غمده ليُنفذ القضاء المُبرم. نعم إنه لأمر خطير جدًا! فداود تمتع بالعفو المُطلق، لكن أبشالوم عصى عليه، لأن «اللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا» ( غل 6: 7 ). فخطية زرع الأعشاب تنال حظها من المغفرة، لكن لا بد أن الحصاد يكون من جنس ما زرع. فالنعمة والعدل كلٍ يأخذ دوره في دائرته الخاصة بدون أن يتداخل أحدهما مع الآخر. وكل من جمال النعمة وعظمة العدل، منظر إلهي. فقد سُمِح لداود بالدخول إلى بيت الرب، كمن تمتع بالنعمة ( 2صم 12: 20 )، قبلما يعبر وادي قدرون (وادي الكدر)، ويتسلق جوانب جبل الزيتون الخشنة ( 2صم 15: 23 ، 30)، مُطارَدًا من ابنه أبشالوم. ولسنا نتحاشى التصريح إذا قلنا أن قيثارة داود لم تُرسِل نغمات مديح للنعمة الإلهية أحلى من تلك التي أنشدها في نفس الجبل الذي فيه اختبر تأثير العدل الإلهي.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net