الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 8 مارس 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هوذا آتٍ
«هُوَذَا ابْنُكَ يُوسُفُ قَادِمٌ إِلَيْكَ. فَتَشَدَّدَ إِسْرَائِيلُ» ( تكوين 48: 2 )
كان يوسف ابنًا بارًا وفيًا نحو أبيه. ورغم مكانته العالية، وسموه الملكي، ومسؤولياته الكثيرة، لكنه في محبته لأبيه، وعواطفه الجيَّاشة نحوه، ترك كل شيء، وذهب بنفسه لكي يراه. كان من الممكن أن يُرسل مندوبًا ملكيًا حاملاً رسالة رقيقة تُعبِّر عن مشاعره وتمنياته بسرعة الشفاء، مع باقة من الزهور الجميلة. ولو فعل ذلك لكان يعقوب سيُقدِّرها ويفرح بها ويفخر بها باعتبارها من يوسف المحبوب. لكن يوسف كان أكبر من ذلك بكثير. فبمجرد أن سمع أن أباه مريض، وكان يشعر أنها ربما تكون النهاية، أسرع إليه لكي يراه. ويا له من وفاء! ويا له من درس أدبي لشباب هذا الجيل!

وعلى الجانب الآخر «أُخْبِرَ يَعْقُوبُ وَقِيلَ لَهُ: هُوَذَا ابْنُكَ يُوسُفُ قَادِمٌ إِلَيْكَ. فَتَشَدَّدَ إِسْرَائِيلُ وَجَلَسَ عَلَى السَّرِيرِ» ( تك 48: 2 ). كان يعقوب شيخًا واهنًا اجتمعت كل عوامل الفناء على إنسانه الخارج. لقد خارت كل قواه الطبيعية، وها هو على فراش الموت. لكنه عندما سمع هذا الخبر المفرح أن يوسف قادم إليه، تشدَّد وجلس على السرير. إنه ما كان سيتحرك قط لأي خبر مهما كان مثيرًا، لا من جهة الأولاد ونجاحهم وازدهارهم وتكاثرهم، ولا من جهة أحوال مصر السياسية أو الاقتصادية. إنه على وشك الرحيل، تاركًا كل المشهد، وما عادت تفرق معه. إن الخبر الوحيد الذي حرَّكه وأنعشه وشدَّده هو أن يوسف قادم إليه. لقد عرف القيمة الحقيقية للحياة، وبطلان ما تحت الشمس، وأن العالم يمضي وشهوته. ويا له من درس هام لنا؛ أن الذي يُشدِّدنا، ويُجدِّد قوانا، ويُنهض عزائمنا، ويُفرِّح قلوبنا ويرفعها فوق كل الأحزان التي حولنا، هو ذلك الخبر الذي يعلنه الروح القدس لنا: «هُوَذَا آتٍ»! ( نش 2: 8 ). وما أروع تأثير هذا الرجاء الحي على نفوسنا «أَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ»! ( إش 40: 31 ).

محب نصيف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net