إن أفضل مكان لنا في هذه البرية؛ المكان الذي عنده تُحَلُّ كل ارتباكات الحياة، وتُدحرج كل أثقال النفس، هو عند قدمي الرب يسوع. وأن نأخذ مكاننا عند قدميه، فإن هذا هو أفضل موضع مُبارك بالنسبة لنا على الإطلاق. فهناك يمكننا أن نتحدث معه عن كل شيء: خطيتنا، خدمتنا، أحزاننا، ماضينا ... وكم هي راحة عُظمى تلك التي نجتنيها بصدد كل سؤال كبير يؤرقنا، إذ نجد الإجابة عند قدمي مُخلِّصنا المعبود! هناك نُدرك عظمته، ونعرف أنه أعظم من أية صعوبة تعترض حياتنا. حقًا لا يوجد مكان نظير ذاك، مُفرح للخاطئ الأثيم المُعترف بخطاياه ليتوب عنها، ومُريح للقديس في شتى أحوال الحياة.
ولعل أول ما يتعمّق فينا من شعور عندما نأتي عند قدميه، هو أنه أعظم من خطايانا. وهذا ما اكتشفته المرأة التي كانت خاطئة (لو7). لقد قال سَيِّدنا: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» ( مت 11: 28 ). ولعل هذه المرأة، المسكينة والـمُتعَبة بثقل خطاياها، قد سمعت نداء السَيِّد، فجاءت مُنجذبة إليه، في بيت سمعان الفريسي. أَتدخل بيت ذلك الرجل الفريسي؟ وبأي وجه تفعل ذلك؟ إن عبوسة وجه ذلك الفريسي وضيوفه، ربما تدفعها بعيدًا عن باب المنزل! لكن السَيِّد الذي تعلَّقت به، والذي في اتضاعه كان هناك. فكان احتياجها إليه أعظم من خوفها من الناس. وقد كانت هناك قوتان تعملان في نفسها أعظم من عداوتهم لها، وقد عملتا لتحضرها «عِنْدَ قَدَمَيْهِ». فمحبته ونعمته اجتذبت قلبها، واحتياجها ساق قدميها إلى هناك، مدفوعة بمحبته الجاذبة، واحتياجها العميق، فدخلت ليجد قلبها المُثقل والـمُتعَب راحته وبركته عند قدمي المسيح.