لم يستطع واحد التلاميذ أن يتقدم أكثر، فقد أمرهم الرب يسوع قائلاً: «اُمْكُثُوا ههُنَا» ( مت 26: 38 )، لأن هذا هو آخر حدود قدراتهم. لكن الرب استمر في سيره بعد ذلك دون أية رفقة. وهو تصوير دقيق للمشهد الذي تم تحقيقة بعد أقل من 24 ساعة. فلكي يتم عمل الكفارة كان لا بد للمسيح أن يكون وحده. وفي هذا كان “يوم الكفارة العظيم” ظلاً لثلاث ساعات الظلمة في الجلجثة «وَلاَ يَكُنْ إِنْسَانٌ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ مِنْ دُخُولِهِ لِلتَّكْفِيرِ فِي الْقُدْسِ إِلَى خُرُوجِهِ» ( لا 16: 17 ). والآن لكي يكون الرمز صحيحًا، كان لا بد أن يكون الرب يسوع وحده.
لكن هل كان ذلك الموضع في جثسيماني يتكلَّم عن الثلاث ساعات الأخيرة للجلجثة؟ بكل يقين. لاحظ أنه ــــ تبارك اسمه ــــ «انْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ»، وفي المكان الذي كان سيسقط فيه الحجر تمامًا «خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي» ( لو 22: 41 ). ولكن لماذا يُخبرنا البشير لوقا عن ذلك؟ لأن رمي الحَجَر كان هو الطريق الإلهي للدينونة الواجب أن تُنفذ في إسرائيل. فالوسيلة الإلهية لتنفيذ القضاء، عندما يكون الحكم هو الموت، كان الرجم. وهكذا فعبارة «رَمْيَةِ حَجَرٍ» نرى فيها جمالاً مقدسًا، يملأ نفوسنا بخوفٍ عظيم، لأنه يُشير إلى الدينونة التي كان الرب في طريقه إليها على الصليب، حيث ينفذ الحكم. لقد كان الظل في جثسيماني، أما الحقيقة فكانت في الجلجثة. أ لم ينتهِ مسار الآلام بالدينونة؟!
لكن إلى أي بُعد كانت “رَمْيَةِ حَجَرٍ” هذه؟ هذا الأمر لا يمكن تحديده. فهل لدينا وسيلة لمعرفة ثقل الحَجَر، وما إذا كان خفيفًا أم ثقيلاً؟ الإجابة نجدها في متى26: 29 حيث نقرأ «ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً»، لاحظ كلمة “قَلِيلاً” وبما أن هذا القليل هو مسافة رمية الحَجَر فإننا ندرك أن الحَجَر كان ثقيلاً وكبيرًا. نعم، مَنْ يستطيع أن يُقدِّر ثقل الدينونة التي احتملها الرب عندما عمل الكفارة، لخطايانا ولكل العالم أيضًا!