عبارة «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ» تحل كل مسألة. ففي اللحظة التي فيها تفهم النفس وعد الله، فهناك حد للتعليلات العقلية التي يُنشئها عدم الإيمان.
عدم الإيمان يضع الظروف بين النفس وبين الله، ولكن الإيمان يضع الله بين النفس وبين الظروف. ونلاحظ أيضًا كيف إن الموت يحوم دائمًا حول روح عدم الإيمان. تقول الأرملة: «لِنَأْكُلَهُ ثُمَّ نَمُوتُ» (ع12). هكذا كان حالها ورجاؤها في الحياة مبنيًا على كُوار الدَّقِيقِ وَكُوزَ الزَّيْتِ، ووراء ذلك لم ترَ ينابيعًا للحياة، أو رجاء للبقاء. أوَ لـَسنا جميعًا مُعرَّضين جدًا لأن نعتمد على شيء مثل ملء كف الدقيق؟! هذا يكون صحيحًا عندما لا يكون الله مُدرَكًا للنفس.
الإيمان يقول إما الله وإما لا شيء. فملء كف من الدقيق في يد الله، له قيمة كبرى، وهو في نظر الله كقطعان الغنم على آلاف التلال. الإيمان لا يقول أبدًا: «مَا هذَا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ؟» ( يو 6: 9 )، ولكن لغته: “مَا هُو الله لِمِثْلِ هؤُلاَءِ“.
عدم الإيمان يقول: لا نستطيع، ولكن الإيمان يقول: الله يستطيع كل شيء. قد يظهر الأفق مظلمًا وقاتمًا للنظر الإنساني، ولكن عين الإيمان تستطيع أن تخترق السحب فترى وراءها جميعها الأساس الراسخ الذي وُضِعَ للإيمان بكلمة الرب السامية، فيستند القلب على الله القدير مالك السماء والأرض قائلاً: “لو جفت كل الينابيع، فلي نبع لم يَزَل جاريًا“.
آه، يا ليتنا نزداد اتحادًا مع فكر السماء، وانفصالاً عن أشياء وأفكار الأرض! وليت الله يمنح بزيادة هذين الأمرين لكل قديسيه. ما أسعد مَنْ يعتمد على مثل هذا الإيمان! وما ألذ أن نذهب كل يوم إلى كُوار دَقِيقنا وكُوزَ زَيْتنا، فنجده يوميًا مملوء ثانيةً، بيد أبينا الكريم.