الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 17 مايو 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تابوت في مِصر
«ثُمَّ مَاتَ يُوسُفُ ... فَحَنَّطُوهُ وَوُضِعَ فِي تَابُوتٍ فِي مِصْرَ» ( تكوين 50: 26 )
جدير بالملاحظة، أن يعقوب رغب أن يدفن بجانب آبائه ( تك 49: 29 -32)، ويوسف طلب أن يُحفظ في مصر الى حين ( تك 50: 25 )، ولكن كليهما كان له اليقين الكافي من جهة امتلاك كنعان مستقبلاً. ولكن ثمة اختلاف في رغبتيهما من جهة الدفن. فربما يكون يوسف شعر أن منصبه الرفيع في مصر، يحتم أن يحفظ جسده المُحنط لبعض الوقت في مصر. وربما كانت رغبته أن يترك مع شعبه شاهدًا صامتًا على الرجاء، أو قل واعظًا بليغًا في صمته، يحضهم على الاحتفاظ بهذا الرجاء حيًا، مهما كان شأن ما قد يأتي عليهم.

ويختم السفر بهذه العبارة: «تَابُوتٍ فِي مِصْرَ» ( تك 50: 26 ). وقد يبدو لوهلة أن هذه المومياء تُعلن عقم وعدم جدوى رجاء العودة الى كنعان. ولكن ها قد مرَّت قرون، وأمسَت العبودية أثقل، ومن ثم كثر المترددون والمتشككون في رجاء الخروج من مصر، والرجوع إلى كنعان. فلئن كانت عظام يوسف قد أُهملت لأكثر من ثلاث مئة سنة، إلا أنها ظلت التجسيد المنظور للرجاء، في وجه الموت، رغم كرّ السنين. وأخيرًا حلَّ اليوم الذي شهد تحقيق الرجاء الوثيق، حين حمل الشعب على أكتافهم التابوت الحجري، وخرجوا قاصدين أرض الموعد. ولا ريب أن الترنيمة التي رددتها قلوبهم، وسرَت في صفوفهم هي: «إِنْ تَوَانَتْ فَانْتَظِرْهَا، لأَنَّهَا سَتَأْتِي إِتْيَانًا وَلاَ تَتَأَخَّرُ» ( حب 2: 3 ).

أما نحن، فليس لنا يوسف مائتًا، بل لنا الرب يسوع حيًّا مُقامًا من بين الأموات، الذي نُمسك بصبر، بمواعيده التي لا يمكن أن تخيب. ففي مسيرتنا إلى موطن راحتنا، لا تتقدَّمنا عظام قائد راحل، بل الرب يسوع الذي «دَخَلَ كَسَابِق لأَجْلِنَا» ( عب 6: 20 )، وسيُحضِرنا لنفسه هناك. لذلك علينا أن نعيش كما كان يوسف، بأشواق وثقة تتخطى المنظور على الأرض، وبحنين الى الوطن الموعود من قِبَل الله.

ألكسندر ماكلارين
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net