الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 18 مايو 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مجنون كورة الجدريِّين
«كَانَ دَائِمًا لَيْلاً وَنَهَارًا فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ» ( مرقس 5: 5 )
لقد حوَّل الشيطان ذلك الرجل البائس إلى قلعة، آملاً أن تظل في يدهِ، مهما كان الثمن. وفي تلك القلعة حشد “لجئون” (فِرقة عسكرية) من الأرواح النجسة. وفي هذا الرجل، وفي قصته، نجد صورة للبليَّة التي وقعت فيها الإنسانية تحت سيطرة الشيطان.

«كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ» (ع3)، والناس اليوم يعيشون في عالم يتحوَّل يومًا بعد يوم إلى مدفنة واسعة، بموت جيل بعد جيل. ثم نقرأ «وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلاَ بِسَلاَسِلَ»، وقد جرَّبوا السلاسل والقيود دون جدوى. وهكذا اليوم، لا تعوزنا المؤسسات والوسائل التي تهدف إلى تقييد نزعات الإنسان الشريرة، وتحجيم ميله للعنف، وإخضاع العالم ليكون جميلاً ومنضبطًا، ولكن كل هذا يضيع هباءً.

ثم جرَّبوا شيئًا آخر مع ذلك الرجل المسكون بالشياطين، ألا يمكن تغيير طبيعته؟ كلا، فنقرأ هنا: «لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ»، وبذلك فشلت هذه الفكرة أيضًا. وهذه هي الحقيقة الراسخة، فليس هناك قوة في الناس يستطيعون بها أن يغيروا طبيعتهم، ولا أن تُقيدهم، أو تُذللهم، ولذلك لا فائدة من التجربة «لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ (الفكر الجسدي) هُوَ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ» ( رو 8: 7 )، ولذلك لا يمكن تذليله. وأيضًا «اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ» ( يو 3: 6 ) ومهما بُذلت من محاولات لتحسينه، لا يمكن تغييره ولا تعديله.

وكان ذلك الرجل «دَائِمًا لَيْلاً وَنَهَارًا فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ»، في عدم استقرار دائم «يَصِيحُ»، وفي بؤس بالغ «يُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالْحِجَارَةِ» ـــــ فهو في جنونه يدمِّر نفسه. فيا لها من صورة مؤلمة! ويا لها من صورة تمثل الإنسان الذي تحت سيطرة الشيطان! ولكن الرب يسوع أتى لمثل هذا الإنسان، لا ليعذبه بل ليُحرره.

ف. ب. هول
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net