الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 29 مايو 2022 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رَجلُ أوجاعٍ
«مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ» ( إشعياء 53: 3 )
تُرى، ماذا فعلت الأحزان بذلك الرقيق القلب، صاحب أرق المشاعر؟ فقد خَلت طبيعته المباركة من كل قسوة وصلابة وعُنف، ولذا فقد كان إحساسه بالآلام حادًا، وشعوره بها مُرهفًا، واستشعر إلى أقصى حد، ما انصَّب عليه من ازدراء وتحقير. فلقد كان موضوع تفكه السكارى وأغانيهم، مُحتقرًا ومخذولاً من الناس. كان هدفًا لسخريتهم وازدرائهم. أهانه وهزأ به أولئك الذين كانت مصائبهم ومِحَنهم موضوع عطفه وحنوه!

وفي مزمور22 نسمعه يصف أعداءه، وهو يسكب أحزانه في أذني أبيه: «أَقْوِيَاءُ بَاشَانَ» كانوا هناك. «كِلاَبٌ» أحاطت به، «جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ» اكتنفته، وكان هناك «فَمُ الأَسَدِ» كما كانت أيضًا «قُرُونِ بَقَرِ الْوَحْشِ».

كان هناك الشيطان بكل جبروته، كما كان الإنسان مَطيته الطيّعة، وأداة شرّه. وهناك جاء الله أيضًا في دينونته للخطية، والمتألم القدوس مرفوع على الصليب، وقد جُعل خطية، وعومل من الله كما استحقت الخطية. تفجَّرت ينابيع الغمر للدينونة الإلهية، وتفتحت طاقات السماء، وانصبّت جامات الغضب واللعنة والنقمة ضد الخطية. غرق في حمأة عميقة وليس مقر. ومثل يونان، وإنما بمعنى روحي أعمق، هبط إلى أسافل الجبال ومغاليق الأرض عليه. غمر نادى غمرًا عند صوت ميازيب الله، وكل التيارات واللجج طَمَت عليه، ودخلت المياه إلى نفسه. إلا أن أشد وأقسى الآلام، هي ما تضمنته تلك الصرخة التي عصرت قلبه عصرًا، في نهاية ساعات الظلمة «إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» ( مت 27: 46 ). عندئذ هُزمت كل جحافل الشر، والشيطان كرئيس هذا العالم وإله هذا الدهر، فُضح أمره وأُبيدت قوته إلى الأبد. وظهر الإنسان في طبيعته الساقطة غير قابل للإصلاح والتقويم، مُضمرًا لله كل بُغض في الباطن. وتبيَّن الله في كمال صلاحه ومحبته إزاء الإنسان رغم ما قوبل به من عداوة.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net