“مِنْطَقَةُ الحَقِّ” الجزء الأول من سلاح الله الكامل، يُعبِّر عن حالة النفس التي طبَّقت الحق عمليًا، والتي تحكم على كل الميول والدوافع الداخلية، وبذلك يتقوى الإنسان كله في سيره مع الله، وفي مواجهة العدو. إن الحق في هذه الحالة يعمل عمله الفاحص للقلب «لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ ... مُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ» ( عب 4: 12 )، أي أن كلمة الله تَزِن كل فكر، وتُقدّره التقدير الصحيح، وتحكم على مصدره إذا كان من الله أو من الجسد. كما أنها تكشف ما يشغل القلب، هل هو المسيح كالغرض، أم الذات؟
وللحق عمل آخر في تقديس الإنسان ليكون في الصورة المُطابقة لفكر الله، فنقرأ: «قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ» ( يو 17: 17 ). إذًا ما نجده في رسالة العبرانيين هو قوة الكلمة الفاحصة لخبايا النفس والأفكار، بينما يُشير يوحنا بالأكثر إلى تقديس النفس وفصلها عن العالم بواسطة كلمة الله. وإذ تُصبِح النفس في هذه الصورة المُباركة، تتطلع إلى الشخص المُبارك المُمجَّد في يمين الله ـــــ الإنسان يسوع المسيح ـــــ الذي هو حياتنا، وهو أيضًا المثال الذي يضعه الله أمامنا.
أما الجزء الثاني من سلاح الله الكامل “دِرْعُ الْبِرِّ”، فهو يتعلَّق مباشرة بالضمير. وعندما يكون دِرْعُ الْبِرِّ لامعًا؛ أي أن الضمير صالح وبلا لوم، تكون النفس سائرة مع الله في هدوء الإيمان، ولا يجد العدو شيئًا يتهم به المؤمن أو يشتكي به عليه. وعندما لا توجد أية اتهامات أو شكايات على النفس، يكون المؤمن هادئ الطبع، لا ينفعل أو يتهيج مع الآخرين، لأن قلبه في سلام تام. والعكس يحدث حينما يكون هناك اتهام أو شكاية على الضمير. إن عدم راحة الضمير تجعلنا مُسرعين إلى الغضب، قلقين، مشغولين باهتمامات الحياة، غير متمتعين بسلام الله الذي يحفظ قلوبنا وأفكارنا في المسيح يسوع، فنفقد حلاوة الشركة مع الرب.